فيا ليتَ الشبابَ يعودُ يَوْمًا ... فَأُخْبِرُهُ بِمَا فَعَلَ الْمشَيبُ
أقول: قائله هو أبو العتاهية (?)، واسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد، وكنيته أبو إسحاق، وأبو العتاهية لقب غلب عليه لاضطراب كان فيه، وهو شاعر مكثر لا يحاط بشعره لكثرته، وكان يقول في الزهد ويتهم في دينه، وأول مدائحه في الهدي، وأول الشعر هو قوله:
1 - قريتُ من الشَّبابِ وكَانَ غَضًّا ... كَمَا يَعرَى من الوَرَقِ القضيبُ
2 - ونحتُ على الشبابِ بدَمْعِ عَيْنِي ... فما أغَنَى البُكاءُ ولا النَّحيبُ (?)
3 - فيا ليت الشبابَ يَعُودُ يَوْمًا ... فأُخبرَه بِمَا فَعلَ المشِيبُ
وهي من الوافر، المعنى ظاهر وهو معنى مليح.
الإعراب:
قوله: "فيا": حرف النداء في الأصل، ولكن في مثل هذا الموضع يكون لمجرد التنبيه؛ لأنها دخلت على ما لا يصلح للنداء، ومنهم من يقدر المنادى في مثل هذا الموضع محذوفًا تقديره: فيا قوم ونحوه، و"ليت" للتمني؛ وهو طلب ما لا طمع فيه أو ما فيه عسر.
وقوله: "الشباب": اسمه، و" يعود": جملة خبره، و"يومًا": نصب على الظرف، قوله: "فأخبرَه" بنصب الراء؛ لأنه جواب التمني [والتقدير] (?) فأنْ أخبره؛ أي: أخبر الشباب بالذي فعله المشيب، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله: "بما" يتعلق بأخبره.
قوله: "فعل المشيب"؛ جملة من الفعل والفاعل صلة الموصول، وهو ما، والعائد محذوف تقديره: بما فعله المشيب.