وكُنْتُ أُرَى زَيْدًا كما قيل سَيِّدًا ... إِذَا أَنَّهُ عَبدُ القَفَا واللهازمِ
أقول: ذكر سيبويه هذا البيت في كتابه ولم يعزه إلى أحد، وقال: سمعت رجلًا من العرب ينشد هذا البيت (?).
وهو من الطَّويل.
قوله: "عبد القفا واللهازم": كناية عن الخسة والذلة، واللهازم: جمع لهزمة -بكسر اللام وهي طرف الحلقوم، ويقال: هي عظم ثَابت تحت الأذن، وقيل: هي مضغة تحت الأذن. والمعنى: كنت أظن زيدًا سيدًا كما قيل، فإذا هو ذليل خسيس عبد البطن، ويقال: ظن سيادته فلما نظر إلى قفاه ولهازمه تبين عبوديته ولؤمه، وخص هذين؛ لأن القفا موضع الصفع واللهازم موضع اللكز.
الإعراب:
قوله: "أرى" على صيغة المجهول بمعنى أظن يقتضي مفعولين: الأول قوله: "زيدًا" والثاني قوله: "سيدًا"، قوله: "كما قيل" معترض بين المفعولين، والكاف للتشبيه، وما مصدرية؛ أي: كقول النَّاس فيه ذلك، قوله: "إذا" للمفاجأة، قوله: "أنَّه" يجوز بالوجهين على ما يأتي الآن بيانه -إن شاء الله تعالى- والضمير المتصل اسم أن، وخبره قوله: "عبد القفا" وقوله: "اللهازم" عطف على القفا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إذا أنَّه" حيث جاز فيه الوجهان: أما الفتح فعلى تقديرها بالمفرد، والتقدير: فإذا عبوديته حاصلة؛ كما تقول: خرجت فإذا الأسد، وأما الكسر؛ فلأنها في ابتداء الجملة (?).