من قصيدة يهجو بها زُرْعة بن عمرو بن خويلد الفزاري حيث لقيه بعكاظ، فأشار عليه أن يشير على قومه بقتل بني أسد وتَرْكِ حِلْفَهم، فأبى النابغة [الغدر] (?) [وبلغه] (?) أن زُرْعة يتوعده، فقال يهجوه:
1 - نُبِّئْتُ زُرْعَةَ والسَّفَاهَةُ كاسْمِهَا ... يُهْدِي إِلَيَّ غَرَائِبَ الأَشْعَارِ
2 - فَحَلَفْتُ يَا زُرْعَ بن عمرو إِنَّنِي ... مِمَّا يَشُقُّ عَلَى العَدُوِّ ضِرَارِي
3 - أرأيتَ يَوْمَ عُكَاظٍ حين لقِيتَنِي ... تحت العَجَاجِ فَمَا شَقَقْتَ غُبَارِي
4 - أنَا اقْتَسَمْنَا خُطَّتَينَا بَينَنَا ... فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحتَمَلْتَ فَجَارِ
5 - فَلَتَأْتِيَنَّكَ قَصَائِدُ وَلَيَدْفَعَنْ ... جيشًا إِلَيكَ قَوَادِم الأكوارِ
6 - رَهْطُ ابنُ كُوزٍ مُحْقِبِي أَذرَاعِهِم ... فيهم ورهطُ رَبيعَةَ بنِ حُذَارِ
7 - ولرهطِ حَرَّابٍ وَقَدٍّ سُورةٌ ... في المجدِ ليس غرابُها بمُطار
8 - وبنو قعين لا مَحَالةَ أنهم ... آتوْكَ غَيرَ مُقَلَّمِي الأَظْفَارِ
وهي من الكامل، وفيه الإضمار وهو مستفعلن، والقطع وهو: فعلاتن، فإن قوله: "فجار" [فعلاتن] (?) مقطوع.
1 - قوله: "نُبّئِت"، أي: أُخْبِرْتُ ومعنى "والسفاهة كاسمها" أن معناها قبيح كاسمها، قوله: "يهدي إلي غرائب الأشعار" يعني: أنه غير مشهور بالشعر ولا منسوب إليه، فالشعر من قِبَلِه غريب؛ إذ ليس من أهله.
2 - قوله: "يا زرع" منادى مرخم أصله: يا زرعة بن عمرو، و "الضرار": الدنو من الشيء واللصوق به، يقول: أنا قوي عزيز فالعدو يكره مجاورتي له، وإنما يفخر بهذا على زرعة بن عمرو.
3 - قوله: "فما شققت غباري" [معناه: سبقتك بالمفاخرة وبَعُدَ بيني وبينك؛ فلم تلحقني ولا شققت غباري] (?)، يقال: فلان ما شق غبار فلان؛ أي: ما لحقه ولا سعى سعيه، وأصل هذا المثل في الفرس الجواد الذي يسبق الخيل وينسلخ منها فلا يُلْحَق ولا يُشَق غباره، ويروى: فما حططت غباري، أي فما استطعت أن تُلقي عنك غباري، يعني: غبار الحرب، وقيل المعنى: لم يرتفع غبارك فوق غباري. ويروى فما خططت غباري بالخاء المعجمة؛ أي ما دخلت فيه، والغبار: العجاج، و"عكاظ" أحد مواسم العرب.