4 - قوله: "أنا اقتسمنا خطتينا" (?) هذا مثل، أي: كانت لي ولك خطتان فأخذتُ أنا البرة وأخذتَ أنت الفجرة، و"الخطة": القصة والخصلة، وإنما قال [ذلك] (?)؛ لأن زرعة دعاه إلى الغدر ببني أسد ونقض حلفهم، فأبَى ذلك ولزم الوفاء والبر، ونسب زرعة إلى الغدر والفجور، و "بَرّة": اسم علم وضع من البر فلم يصرفه؛ لأنه معرفة مؤنث (?)؛ لأنه اسم للخطة، و"فَجَارِ": اسم معدول عن الفجور معرفة، فبناه كما بنيت حَذَامِ وقَطَامِ (?).

فإن قلتَ: لمَ قال في الإخبار عن نفسه فحملت، وفي الإخبار عن نفس زرعة احتملت، فما الفرق بينهما؟

قلتُ: العرب إذا استعملت فعل وافتعل بزيادة التاء وبغير الزيادة، كان الذي لا زيادة فيه يصلح للقليل والكثير، والذي فيه [الزيادة] (?) للكثير خاصة نحو: كسب واكتسب، ونهب وانتهب، وأراد [النابغةُ] (?) أن يهجو زرعة بكثرة غدره وإيثاره الفجور، فذكر اللفظة التي يراد بها التكثير خاصة ليكون أبلغ في الهجو (?). ولو قال: وحملت فجار؛ لاحتمل ألا يكون غدر إلا مرة واحدة. وأما قوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] , فالوجه فيه أنه لما كان الإنسان يجازى على قليل الخير وكثيره استعمل فيه اللفظ الذي يصلح للقليل والكثير، ولما كان الإنسان لا يجازى إلا على الكبائر دون الصغائر؛ لأن الصغائر معفو عنها غير مجازى بها، استعمل معها اللفظ الذي لا يكون إلا للتكثير (?).

5 - قوله: "فَلَتَأْتِيَنَّكَ قَصَائِدُ" يتوعده بالهجو والغزو إليه، قوله: "وَلَيَدْفَعَنْ جَيشًا إِلَيكَ قَوَادِم الْأَكْوَارِ" يريد أنهم يركبون الإبل ويقودون الخيل، والأكوار: الرواحل، وواحد القَوَادِمِ: قَادِمٌ، وهو من الرحل بمنزلة القربوس من السّرج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015