ومنه نحو قولهم: لئن سألت لتسألن به البحر، ومنه نحو قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28]، فإن جهنم هي دار الخلد؛ لكن انتزع منها مثلها، وجعلها منزلًا للكافرين تهويلًا لأمرها، ومنه مخاطبة الإنسان غيره، وهو يريد نفسه؛ كقول الأعشى (?):
وَدِّعْ هُرَيْرةَ إنَّ الركبَ مرتحلٌ ... وهل تطيقُ ودَاعًا أيُّها الرَّجُلُ؟
وأما قضايا النقد:
فقد أثار العيني في كتابه قضية انتحال الشعر، وهو يشرح بيتًا لمجنون ليلى؛ حيث نقل عن العلماء قولهم بالانتحال، يقول:
"قال الجاحظ (?): ما ترك الناس شعرًا مجهول القائل قيل في ليلى إلا نسبوه للمجنون، ولا شعرًا هذه سبيله قيل في لبنى إلا نسبوه إلى قيس (?) بن زريح (?)، وعن الأصمعي: أُلقي على المجنون من الشعر، وأضيف إليه أكثر مما قاله هو".
وعن العتبي عن عوانة أنه قال: المجنون اسم مستعار لا حقيقة له في بني عامر أصلًا ولا نسب، قيل: فمَن قال هذه الأشعار؟ فقال: فتى من بني أمية (?).
وفي موضع آخر حكى العيني واقعة بين حماد الراوية والمفضل الضبي، وكيف أن الأول كان يؤلف الأشعار ويلصقها بالشعراء، وأن هارون الرشيد سأله ذات مرة قائلًا: "اصدقني القول، فقال يا أمير المؤمنين: أنا زدت هذه الأييات، فقال الرشيد: من أراد الثقة والرواية الصحيحة فعليه بالمفضل، ومن أراد الاستكثار والتوسع فعليه بحماد".
وأما بيتا حماد، ونقد النابغة لهما قول مشهور، وقد حكى ذلك العيني وهو يشرح الشاهد في جمع التكسير، وهو قول حسان (?):
لنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بالضحى ... وأَسْيَافنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَما
ولدْنَا بَنِي العَنْقَاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقِ ... فأَكْرِمْ بِنَا خالًا وأَكرمْ بنا ابنمَا