الاستشهاد فيه:
في قوله: "فإن، وإن" فإن أصلهما: فإما وإما فحذفت منهما "ما" كما ذكرنا فافهم (?).
فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَخِي بِصِدْقٍ ... فَأَعْرِفَ مِنْكَ غَثِّي مِنْ سَمِينِي
وَإلَّا فَاطرِحْنِي واتَّخِذْنِي ... عَدُوًّا أَتَّقِيكَ وَتَتَّقِينِي
أقول: قائلهما هو المثقب العبدي، ويقال: هو سحيم بن وثيل الرياحي، وهما من قصيدة نونية، وأولها هو قوله (?):
أَفَاطِمَ قَبلَ بَينكِ مَتِّعِيني ... ومَنعكِ مَا سَأَلْتُ كَأَنْ تَبِيني
وقد ذكرنا شيئًا منها في شواهد المعرب والمبني في أوائل الكتاب مع الخلاف فيه عند قوله (?):
أكل الدهر حل وارتحال ... ................................
قوله: "غثي" بفتح الغين المعجمة وتشديد الثاء المثلثة؛ من غث اللحم يغِث ويغَث بكسر الغين وفتحها غثاثة وغثوثة فهو غث وغثيث إذا كان مهزولًا، وكذلك غث حديث القوم وأغث؛ أي: ردؤ وفسد، والمعنى هاهنا: أعرف منك ما يفسد مما يصلح.
الإعراب:
قوله: "فإما" الفاء للعطف وإما هاهنا للتفصيل؛ كما في قوله تعالى: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3]، ولكن استغنى عن ذكر إما الثانية بذكر ما يغني عنها وهو قوله: "والا فاطرحني"؛ كما في قولك: إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت.