قوله: "نصر نصرًا" يروى برفع نصر الثاني ونصبه؛ فالرفع عطف بيان على اللفظ، والنصب عطف بيان على موضع: يا نصر.

قال أبو حيان: ولا يجوز أن يكون مرفوعًا على أنه خبر مبتدأ مضمر، ولا نصبه على إضمار فعل لأن هذا النوع من القطع إنما تكلمت به العرب إذا قصدت البيان أو المدح أو الذم أو الترحم، ونصر لا يفهم منه شيء من ذلك، فإن لم يكن الثاني من لفظ الأول ساغ القطع لما في ذلك من البيان، ولا يجوز أن يكون توكيدًا لفظيًّا، قيل: لتنوينه، والأول ليس كذلك (?).

ورد بأن هذا القدر من الاختلاف مغتفر في التأكيد اللفظي، وقيل: للاختلاف في التعريف: فيا نصر قد عُرِّف بالإقبال عليه لا بالعلمية.

والثاني: تُعَرّف بالعلمية؛ فكما لا يجوز جعل الثاني في: جاء الغلام غلام زيد تأكيدًا لفظيًّا؛ لاختلافهما في التعريف فكذلك هذا، ولا يجوز أن يكون بدلًا لأنه منون، ولا نعتًا لأنه علم، ويجوز في نصر الثاني أن يكون مصدرًا، أي: انصرني نصرًا، وعلى ذلك خرجه الأصمعي، وجعل نصرًا الثالث: تأكيدًا لنصر الثاني.

وقال الجرمي: النصر: العطية، قاله أبو عبيدة: فيريد: يا نصر عطية عطية، ويرد هذا التأويل في نصر الثاني أنه روي بالرفع، وزعم أبو عبيدة أن نصر الثاني هو حاجب نصر بن سيار كما ذكرنا آنفًا، وأن الشاعر نصبه على الإغراء يريد: عليك نصرًا (?)، ويرد هذا القول رواية الرفع فيه، ويروى: نصر نصرًا ببناء الثاني على أن يكون بدلًا.

الاستشهاد فيه:

أن "نصرًا" الثاني من التوكيد اللفظي أتبع أولًا على اللفظ، وثانيًا على الموضع، وقال ابن الناظم: يجوز أن يكون نصرًا المنصوب مصدرًا بمعنى الدعاء كسقيًا ورعيًا (?)، وقال القواس (?): نصر الأخير ليس فيه إلا النصب؛ لأن القافية كذلك، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه عطف بيان على المحل كالوصف.

والثاني: أنه منصوب على المصدر.

وأما نصر الثاني فروي مرفوعًا ومنصوبًا ومضمومًا بغير تنوين، أما الرفع فلأنه عطف بيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015