على سبيل الاستشهاد في الأبواب، وأُبَيِّنَ ما فيها من اللغات والمعاني والإعراب، وأزيلَ ما فيها من المبهمات التي تتصحف على الطلاب، وأكشفَ الألفاظ التي تشتبه عليهم في هذا الباب، متعرضًا إلى بيان ما فيها من الأبحُر والأوزان، وإلى ذكر بقية كل بيت بحسب الطاقة والإمكان، وإلى إيضاح قائله عند الظفر والوجدان، وذلك لأني رأيت الشراح قد أهملوا هذه الأمور، واكتفوا بذكر ما فيها من الشاهد المشهور، بحيث قد آل بعضها إلى حالة قد استحق بها الهجران، وصار بعضها في بعض الأذهان كالسُّها والدَّبُران (?)، فهذا هو الذي نَدَبَنِي إلى هذا الترتيب الغريب والجمع الموشح بكل عجيب، مع ما سألني في ذلك مَن لا تسعني مخالفته، ولا توافقني مرادفته، واعتصمتُ في ذلك بربي (?) الكريم؛ إنه الميسر لكل صعب عظيم.

ثم إني بينت نسبة كل بيت إلى مَن ذكره في تأليفه برمز حرف من أشهر حروفه، فإن اتفقت الأربعة على ذكر بيت منها رمزت عليه هكذا: "ظقهع"؛ فالظاء من ابن الناظم، والقاف من ابن أم قاسم، والهاء من ابن هشام، والعين من ابن عقيل الإمام، وإن كانت الثلاثة أو الاثنان منهم مطلقًا ذكرته ورمزت عليه هكذا: (ظقه- ظقع- قهع- ظق- ظه- ظع- قه- قع- هع". وان انفرد واحد منهم، رمزتُ رمزه المعين، ليُعْلَمَ كل منهم ويتبين.

فاجتهدتُ في تصنيفه بُرْهَةً من الزمان، وجاهدتُ في تأليفه مدة من الأوان، بعد مراجعة شديدة إلى كتب عديدة، ومطالعة مديدة في دواوين سديدة، مع مقاساة العناء والنصَب من حوادث الزمان، ومكابدة تجرع الغصص من أهل الحسد والجهل والطغيان، وكساد سوق العالم وبوار بضاعته النفيسة، ورواج معاش الجهل وتقدمه في صناعته الخسيسة، وإلى الله المشتكى وعليه التكلان، وفي كل أمر هو المستعان، فجاء بحمد الله وفيه شفاء صدور المنتهين، وكفاية مؤنة المشتغلين المبتدئين، مشتملًا على فوائد جسيمة، وفرائد من النكات العظيمة، على أن نفعه عام لأكثر الكتب النحوية، وفوائده شاملة لغالب الشواهد المحكية، مسمى: "بكتاب (?) المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية" المسئول (?) ممن ينظر فيه أن يصلح ما يحتاج إلى الإصلاح؛ أداءً لحق الأخوة بالنصح والانتصاح، فإن القلم له هفوة، والجوادَ له كبوة، والإنسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015