للحال، فيكون المعنى: لو كان سعيي لأدنى معيشة كفاني قليل من المال حال كوني غير طالب له، وإليه ذهب أبو علي، وإن جعلناها للعطف فليس من التنازع لفساد المعنى، وبيان ذلك موقوف على معرفة مقدمتين:
إحداهما: أن لو كما قلنا لامتناع الثاني لامتناع الأول، فإذن لو دخل على المنفي صار ذلك المنفي مثبتًا، وإذا دخلت على المثبت صار منفيًّا.
والثانية: أن ما هو معطوف على جواب "لو" فحكمه حكم ذلك الجواب، فإذا تقررت هاتان المقدمتان فنقول: لو وجه الفعل الأول إلى ما وجه إليه [الفعل] (?) الثاني فسد المعنى؛ لأن كفاية المال القليل منفية لانتفاء سعيه لأدنى معيشة بناء على المقدمة الأولى، وهذا يقتضي أن لا يكون طالبًا لقليل من المال.
وقوله: "لم أطلب" على تقدير كونه موجهًا إلى ما وجه إليه الأول يقتضي أن يكون طالبًا [له] (?) بناء على المقدمة الثانية فيكون طالبًا [له] (?)، وغير طالب وإنه ممتنع، فإذا تعذر توجهه إلى قليل يكون مفعوله محذوفًا وهو الملك أو المجد بقرينة قوله:
ولكنَّمَا أسْعَى لمجدٍ مؤثل ... وقد يدرِكُ المجدَ المؤثلَ أمثالي
[يقول: لو أن سعيي للأكل والشرب] (?)، واللبس يكفيني ما عندي من المال القليل ولم أطلب الملك، ولكن سعيي لأجل مجد ذي أصل، والحالة أن هذا المجد المؤثل قد أدركه أمثالي من أبناء الملوك وأشراف القوم، والحاصل: أن البيت ليس من التنازع؛ لما ذكرناه.
أَتَانِي فَلَمْ أُسْرَرْ به حيَن جَاءَنِي ... كِتَابٌ بأعلَى القُنَّتَيِن عَجِيبُ
أقول: قائله هو جرير بن ضرار (?) أخو الشماخ، وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو البيت المذكور، وبعده: