أنك حُرٌّ لوجه الله، ووهب له جميع ما في حانوت العطر، وكان ذلك من عجائب الاتفاق.

ويقال: إن عزة دخلت على أم البنين ابنة عبد العزيز، وهي أخت عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، زوجة الوليد بن عبد الملك الأموي، فقالت لها: أرأيت قول كُثَيّرٍ:

قضَى كُلُّ ذِي دَينٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ ... ...................... إلخ

ما كان ذلك الدَّين؟، قالت: وعدته قبلة فخرجت منها، فقالت أم البنين: أنجزيها وعليَّ إثمها.

قوله: "غِريمهُ" الغريم: من عليه الدين؛ من غَرِمَ بكسر الراء يغرَم بفتحها إذا لزمه دين، والغريم: مستحق الدين -أيضًا-، قوله: "مَمْطولٌ": من المطل وهو التسويف، قوله: "مُعَنًّى" بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد النون المفتوحة؛ من التعنية [وهو] (?) الأسر.

الإعراب:

قوله: "قَضَى": فعل ماض، و "كُلُّ ذَي دَينٍ": كلام إضافي فاعله، قوله: "فَوَفَّى": عطف على قوله: "قَضَى"، والضمير يرجع إلى: "كل ذي دين"، وقوله: "غريمه": مفعول وَفَّى.

واستدل به البصريون على أولوية إعمال الثاني في باب التنازع، بيانه أن: "قضى ووفَّى" متوجهان إلى الغريم، وأعمل الثاني؛ إذ لو أعمل [الأول] (?) لقال: وفَّاه، وكذا في المصراع الثاني، أعني: الغريم فيه للعامل الثاني وهو مُعَنًّى؛ إذ لو كان للأول لقال: مُعَنًّى هو؛ لأنه حينئذ صفة جارية على غير من هي له، وهو الغريم.

وأجيب عن هذا بأن ممطول ومُعَنًّى موجهان إلى غريمها، فلو أعمل الثاني وهو مُعَنًّى؛ كما قلتم؛ لكان ممطول جاريًا على عزة لفظًا وهو للغريم؛ إذ الممطول هو الغريم، وكان حقه أن يبرز الضمير، فيقول: ممطول هو، وإنما لم يبرز لأنه إضمار على شريط التفسير؛ إذ كان الأصل: ممطول غريمها فحذف اعتمادًا على التفسير بعده، والتقدير: وعزة ممطول غريمها، مثل: هند ضارب غلامها، وليس مما جرى على غير من هو له لذكر الفاعل بعده؛ فالغريم المحذوف كأنه مذكور بشهادة التفسير، وكأنه لم يجر على غير من هو له؛ فلذلك لم يبرز الضمير.

قوله: "وَعَزَّةُ": مبتدأ، و "غَرِيمُهَا": مبتدأ ثان، و "مَمْطُولٌ مُعَنًّى": خبره، والمبتدأ الثاني مع خبره خبر المبتدأ الأول، ويقال: "ممطول" خبره، و "مُعَنَّى" حال من الضمير في: ممطول؛ فالصفتان جاريتان على الغريم لا على عزة، والتقدير: وعزة غريمها ممطول حال كونه مُعَنًّى؛ فعلى هذا الإعراب لا تنازع فيه؛ فهذا هو الاستشهاد: أنه ليس فيه تنازع لما ذكر من التوجيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015