- ق -
قال الشوكاني: السخاوي وإن كان إماماً كبيراً، غير مدفوع لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه كما يَعرف ذلك من طالع كتابه "الضوء اللامع"، فإنه لا يقيم لهم وزناً، بل لا يسلم غالبهم من الحط عليه - وقال أيضاً: وليته صان ذلك الكتاب عن الوقيعة في أكابر أقرانه، ولكن ربما كان له مقصد صالح.
والسيوطي تنقص السخاوي أيضاً، وادعى أنه قاصر في علم الحديث، وأن مؤلفاته فيه هي مسودات ظفر بها من تركة شيخه ابن حجر، فنسبها إلى نفسه.
وهذه الدعوى مردودة أيضاً. فإن السخاوي، رجل ممارس للعلوم منقولها ومعقولها، وطويل الباع فيها، وهو وارث علوم شيخه، وليس في مؤلفاته عبارات تشترك مع عبارات شيخه، وذلك لازم النقل عنه، بل في مؤلفات السخاوي، كثير مما لم يكمله شيخه، أو بيَّض له.
وذكر السيوطي أيضاً: أن علم السخاوي بالعربية قليل، ووصفه بالجهل به، فإنه لم يقل بأن "خصيصَي " - وهو مصدر بمعنى الخصوصية - يتعين قصرها وحينما كاتبه السيوطي، وبين له نقول أهل العربية، لم يرجع إلى الصواب، في حين أن غيره من العلماء، قد رجعوا عن جواز أن تكون بالياء الساكنة على أنها مثناة مضافة لما بعدها، فقد رجع: أمين الدين الأقصرائي، والفخر الديمي، وزين الدين قاسم الحنفي، وسراج الدين العبادي، بعد أن كاتبهم السيوطي (?) .
وصحة هذه الحادثة، لا تنزل بالسخاوي عن درجة الحافظ، لكن السيوطي كان حريصاً على تفرده بعلم العربية، لتتم دعواه بالاجتهاد، ويسلم له الأقران بأنه مجدد القرن، فقد ذكر (?) أنه لا يعلم أحداً على وجه الأرض، أعلم بالعربية منه، إلا أن يكون الخضر عليه السلام، أو ولياً للَّه تعالى.
وكذلك الحافظ السخاوي - انتقص السيوطي، وانتصر له جماعة، فترجمه السخاوي في الضوء اللامع، ترجمة مظلمة، كما يقول الشوكاني، وألف ابن العُليّف،