المقابسات (صفحة 257)

قيل: فما العالم؟ قال: صنم مزين.

قيل: أفقديم هو أم محدث؟ فقال: محدث ولكن في هيئة قديم، وقديم ولكن في معرض محدث، فأما القدم له فبحق المماثلة للعلة الأولى والتوشيح للعالم عن الجود الدائم، وأما الحدوث فبحق العيان الذي يشهد من ناحية المعلول الثاني.

قيل: فما الدنيا؟ قال: لعب ولهو وغفلة وسهو، وهي في غيب ظاهر عيان ومصحوب حسن ومفارق لحقيقة عقل.

قيل: ثم ماذا؟ قال: شاهد كذوب، وزخرف خلوب.

قيل: ثم ماذا؟ قال: موجود ولكنه معدوم، وحقيقة ولكنه باطل، ويقظة ولكنها حلم وكون ولكنه في طي اضمحلال، واضمحلال ولكنه في طي كون، ومتصرم يشير إلى الدوام، وغاش في جلباب نصيح، وعدو في ثياب صديق.

قيل: فما الإنسان؟ قال: شخص بالطينة، ذات بالروح، جوهر بالنفس، ألة بالعقل، كل بالوحدة، واحد بالكثرة، فان بالحس، باق بالنفس، ميت بالإنتقال حي بالإستكمال، ناقص بالحاجة، تام بالطلب، حقير في المنظر، خطير في المخبر، لب العالم. فيه من كل شيء شيء، وله بكل شيء تعلق، صحيح بالنسب إلى من نقله من العدم، قوى النسب لمن يستفيد عن أمم. أخبار الإنسان كثيرة، وأسراره عجيبة، من عرفه فقد عرف سلالة العالم ومصاصته، وقد حوى جوهره شبها من كل ما يعرف ويرى، فهو مثال لكل غائب، وبيان لكل شاهد، هيوب عجيب الشان، شريف البرهان، غريب الخبر والعيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015