قد أخبرنا مولانا سبحانه أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71] ، وأخبرنا جل جلاله أن الكافرين بعضهم أولياء بعض، فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] ، فقطع سبحانه وتعالى بذلك الموالاة بين المؤمنين والكافرين، وبين أن الكفار بعضهم أولياء بعض، كما أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض.
وموالاة المؤمنين تستلزم معاداة الكافرين. ومعاداتهم واجبة، كما أن موالاة المؤمنين واجبة؛ فمن قال أحب المؤممنين، لكني لا أعادي الكافرين، أو أعاديهم ولا أكفرهم، فلم يوال المسلمين حقا؛ لأن من شرط موالاة الله ورسوله والمؤمنين بغض أعدائهم، ومحبة أوليائهم.
فمعاداة الكفار -إذا- واجبة على كل مسلم، وموالتهم محرمة على المسلمين:
يقول الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق رحمه الله: فأما معاداة الكفار والمشركين، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى أوجب ذلك، وأكد إيجابه، وحرم موالاتهم، وشدد فيها، حتى إنه ليس في كتاب الله حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم، بعد وجوب التوحيد، وتحريم ضده1. ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: يجب أن تعلم: أن الله افترض على المؤمنين عداوة الكفار والمنافقين، وقطع الموالاة بين المؤمنين وبينهم، وأخبر أن من تولاهم فهو منهم2. ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله3:
أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حبا له ما ذاك في الإمكان
وكذا تعادي جاهدا أحبابه ... أين المحبة يا أخا الشيطان
شرط المحبة أن توافق من تحـ ... ـب على محبته بلا نقصان
فإذا ادعيت له المحبة مع خلافـ ... ـك ما يحب فأنت ذو بهتان
لو كان حبهم لأجل الله ما ... عادوا أحبته على الإيمان