والمؤمن له أعداء يبغضهم في الله، وأولياء يحبهم في الله؛ لأن الأرض لا تخلو من أعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين؛ فما خلت منهم زمن الرسل والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فكيف بأوقات الفتنة في آخر الزمان. يقول عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112] ، ويقول سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31] .
تنبيه: لا تعني البراءة من الكفار والمشركين أن نسيء إلى أهل الملة الذين يعيشون في كنف الدولة الإسلامية، وتحت حمايتها؛ بل لهم من المسلمين حسن المعاملة، والتسامح معهم، وعدم إكراههم على الدخول في دين الإسلام، ووصلهم بقسط من المال على وجه البر والصلة، كما قال مولانا عز وجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] ؛ فهذا إحسان وبر ظاهري يندب إليه، شريطة أن لا يصل إلى المودة الباطنية التي نهينا عنها؛ من محبتهم، ونصرتهم، وإعانتهم على المسلمين. والمسلم المؤمن بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، يستطيع أن يجمع بين ما أمر به، وما نهي عنه؛ فإن برهم والإحسان إليهم مأمور به. وودهم وتوليهم منهي عنه؛ فهما قاعدتان: إحداهما محرمة، والأخرى مأموره بها1. يقول الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: إن الله لا ينهى المؤمنين عن بر من لم يقاتلهم وأما موالاتهم ومحبتهم وإكرامهم، فلم يرخص الله تعالى في ذلك2.
نسأل الله أن يعصمنا بالتقوى، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه قريب مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أفضل صلاة وأتم تسليم، والحمد لله رب العالمين.
تم بحمد الله