لا بد أن يعرف كل مسلم من هم الذين يجب البراء منهم؛ فيصرف إليهم معاني البراء التي سبق ذكرها، وذلك حتى يحقق الولاء تحقيقا تاما؛ إذ لا ولاء إلا ببراء.
ومن قرأ نصوص الولاء والبراء في الكتاب والسنة، والتي سبق ذكر بعضها في الفصل الأول1، واطلع على تفاسيرها تبين له أن الذين يجب البراءة منهم هم: كل من كفر بالله سبحانه وتعالى، وبدينه، وبرسوله صلى الله عليه وسلم، أو بأحدهم، أو حارب كتاب الله عز وجل، وشرعه الحنيف، أو بيت لدين الله الشر، وأضمر للمسلمين العداوة؛ من الكافرين، والمشركين، والمنافقين، والملحدين، وأشباههم ممن يحادون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] . فدلت الآية الكريمة على عدم محبة ومودة كل من حاد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل وأوجبت بغض هؤلاء، وإظهار العداوة والبغض لهم، موالاة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبراءة من الكافرين، ومن كفرهم2.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معلقا على هذه الآية: فأخبر عز وجل أنك لا تجد مؤمنا يواد المحادين لله ورسوله، فإن نفسه الإيمان ينافي موادته، كما ينفي أحد الضدين الآخر. فإذا وجد الإيمان انتفى ضده؛ وهو موالاة أعداء الله؛ فإذا كان الرجل يوالي أعداء الله بقلبه، كان ذلك دليلا على أن قلبه ليس فيه الإيمان الواجب3.
فهؤلاء الكفار، والمشركون، والمنافقون والمرتدون، والملحدون على اختلاف أجنائهم ممن يبغض، ويعادي، بغضا ومعاداة خالصين، لا محبة ولا موالاة معهما4.