أولا: تعريفه
هو أن يعرف الإنسان الحق بقلبه؛ لكنه لا يقر به ولا يعترف به بلسانه، وبالتالي لا ينقاد بجوارحه، فهو جاحد له ظاهرا، مع معرفته باطنا1.
ثانيا: من الأمثلة عليه، مع الأدلة
1- كفر فرعون وقومه؛ حيث جحدوا الله عز وجل بألسنتهم، مع معرفتهم له بقلوبهم.
كما قال عز وجل عنهم: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14] ، وعللوا جحودهم بقولهم -كما حكى الله عنهم: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47] .
2- كفر اليهود؛ حيث جحدوا نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وكتموا أمره، وكتموا صفاته الموجودة في كتبهم، على الرغم من معرفتهم له كمعرفتهم لأبنائهم، يقول عز وجل عنهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] ، ويقول سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: من الآية 89] .
ثالثا: نوعا كفر الجحود
قسم العلامة ابن القيم رحمه الله كفر الجحود إلى نوعين: جحود مطلق عام، وجحود مقيد خاص؛ فالمطلق: أن يجحد جملة: ما أنزل الله، وإرساله الرسول.
والخاص المقيد: أن يحد فرضا من فروض الإسلام، أو تحريم محرم من محرماته، أو صفة وصف الله بها نفسه، أو خبرا أخبر الله به؛ عمدا، أو تقديما لقول من خالفه عليه، لغرض من الأغراض2.
رابعا: أمر يجدر التنبيه إليه
من جحد شيئا مما تقدم ذكره -في أمثلة الجحود الخاص المقيد- جهلا أو تأويلا يعذر فيه صاحبه، فلا يكفر صاحبه به؛ كحديث الذي جحد قدرة الله عليه، وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح. ومع هذا فقد غفر الله له، ورحمه لجهله؛ إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه، ولم يجحد قدرة الله على إعادته عنادا أو تكذيبا2.