ولقد تبرك صحابته رضي الله عنهما بذاته صلى الله عليه وسلم، وبآثاره الحسية المنفصلة منه صلى الله عليه وسلم في حياته، وأقرهم صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينكر عليهم. ثم إنهم رضي الله عنهم تبركوا ومن أتى بعدهم من سلف هذه الأمة الصالح بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، مما يدل على مشروعية هذا التبرك1.
فقد تبركت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بيده الشريفة؛ فكانت تقرأ عليه بالمعوذات حين اشتد وجعه، وتمسح عليه بيده نفسه، رجاء بركتها، كما قالت2.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يمسحون بيديه صلى الله عليه وسلم، ويضعونها على وجوههم رجاء بركتها3.
وكانوا يتبركون بشعره صلى الله عليه وسلم، وقد أقرهم على ذلك، بل إنه وزعه عليهم4.
وكانوا يتبركون بعرقه5 وبريقه6 صلى الله عليه وسلم، وبنخامته فيدلكون بها وجوههم وجلودهم7.
وكتب السنة مليئة بتبرك أولئك الأخيار بسيد المصطفين الأطهار صلى الله عليه وسلم في حياته، وبعد وفاته8.
ولقد كانت أعظم بركة نالوها: اتباعه صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به، والسير على منهاجه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كما كان أهل المدينة لما قدم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في بركته لما آمنوا به وأطاعوه. فببركة ذلك حصل لهم سعادة الدنيا والآخرة.
بل كل مؤمن آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم وأطاعه حصل له من بركة الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب إيمانه وطاعته من خير الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله9.