ثانيا: المتبرك به غير رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من الأولياء والصالحين:
لم يرد دليل صحيح يجيز التبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يجعل التبرك بأجساد الصالحين وآثارهم يدخل في دائرة التبرك البدعي؛ لذلك لم يرد عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من التابعين أنهم تبركوا بأحد من الصالحين؛ فلم يتبركوا بأفضل هذه الأمة بعد نبيها، وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولا بغيره من العشرة المبشرين بالجنة، ولا بأحد من أهل البيت، ولا غيرهم. ولو كان خيرا لسبقونا إليه؛ لحرصهم الشديد على فعل جميع أنواع البر والخير1.
وقد أمعوا كلهم رضي الله عنهم على ترك التبرك بجسد أو آثار أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم2.
فدل ذلك على عدم مشروعية هذا التبرك.
ولا يجوز أن يقاس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من البشر لوجوه3؛ منها:
1- عدم المقاربة؛ فضلا عن المساوة للنبي صلى الله عليه وسلم في الفضل والبركة؛ فليس أحد من الأولياء أو الصالحين يقاس برسول الله صلى الله عليه وسلم في فضله أو بركته.
2- عدم تحقق الصلاح؛ فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب. وهذا أمر لا يمكن الاطلاع عليه إلا بنص؛ كالصحابة الذين أثنى الله عليهم ورسوله، أو أئمة التابعين، ومن اشتهر بصلاح ودين، كالأئمة الأربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم الأئمة بالصلاح. أما غيرهم؛ فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون، فنرجو لهم.
3- لو ظننا صلاح شخص، فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء. والأعمال بالخواتيم. فلا يكون أهلا للتبرك بآثاره.
4- أن الصحابة رضي الله عنه لم يكونوا يفعلون ذلك مع غير رسولنا صلى الله عليه وسلم لا في حياته، ولا بعد موته ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
إذا ليس لأحد أن يتبرك بجسد أو آثار أحد كائنا من كان، لإجماع الصحابة على ترك التبرك بأجساد أو آثار غيره صلى الله عليه وسلم من الأولياء والصالحين.