المسألة الثالثة: التبرك بآثار الأنبياء والصالحين
التبرك: طلب البركة، والبركة: كثرة الخير، وزيادته، واستمراره1.
والشيء الذي يتبرك بهن قد يكون فيه بركة دينية، وقد يكون فيه بركة دنيوية، وقد يكون فيه بركة دينية ودنيوية معا.
فمثال الأول: المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، لما فيها من الأجر العظيم لمن صلى فيها، وغير ذلك.
ومثال الثاني: الماء واللبن، لما فيهما من المنافع الدنيوية الكثيرة.
ومثال الثالث: القرآن؛ ففيه منافع دينية ودنيوية كثيرة. ويكفي أن من تمسك به أفلح في الدنيا والآخرة، وهو شفاء للقلوب والأبدان2.
والتبرك المقصود في هذه المسألة، هو التبرك بالأشخاص، وهو ينقسم إلى قسمين:
1- تبرك بذواتهم.
2- وتبرك بآثارهم.
وكلا النوعين يكون شركا إذا اعتقد المتبرك أن المتبرك به يهب البركة بنفسه؛ فيبارك في الأشياء استقلالا، أو يطلب منه الخير والنماء فيما لا يقدر عليه إلا الله.
وإنما قلنا بأنه شرك لأن الله موجد البركة وواهبها، والعباد سبب، يقول صلى الله عليه وسلم حين تفجر الماء من بين أصابعه: "البركة من الله" 3، ويقول -عليه الصلاة والسلام- مخاطبا مولاه عز وجل: "والخير كله في يديك" 4.
أما إذا لم يعتقد المتبرك في المتبرك به أنه واهب البركة، بل نسب ذلك إلى الله عز وجل، فالأمر فيه تفصيل؛ لأن المتربك به قد يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يكون غيره من الأولياء والصالحين.
أولا: المبترك به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن كان المتبرك به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا شك أن رسولنا صلى الله عليه وسلم مبارك في ذاته وآثاره، كما كان مباركا في أفعاله5.