وبعد، فـ"جرها" إذن، مدينة تقع في العربية الشرقية على ساحل الخليج على مسافة منه، أو عليه مباشرة. وقد رأى "شبرنكر" أنها "العقير"1، وتدعى "العجير" في لهجة الناس هناك2. ويرى هذا الرأي "فلبي"3 وطائفة من الباحثين, ومنهم من رأى أنها "القطيف"4، أو الخرائب المعروفة باسم "أبو زهمول" مع "العقير"، وتكون هذه الخرائب الطرف النائي من "جرها" الذي يكون الميناء، ودعاها بعضهم "الجرعاء"6. وظن آخرون أنها "سلوى" الواقعة على ساحل البحر7.
ومن رجح "الجرعاء" رأى أنها في لفظها قريبة جدًّا من "جرها" "جرهاء"، وموضعها قريب منها. ولسبب آخر، وهو ورود اسم Thaimon/ Thaemae مع Gerraei عند "بطلميوس" و Thaemae هو "تميم" في نظر الباحثين، وقد اقترن اسم "الجرعاء: بتميم. فقد ذكر "الهمداني" "الجرعاء"، فقال: "ثم ترجع إلى البحرين فالأحساء منازل ودور لبني تميم ثم لسعد من بني تميم، وكان سوقها على كثيب يسمى الجرعاء تتبايع عليه العرب"8، وقد كانت "جرها" سوقًا تتبايع فيه الناس. ويرى "كلاسر" أن Gerrha/ Gerra ليست "العقير" أو الجرعاء، وإنما هي موضع يقع في الطرف الجنوبي الغربي من خليج "القطن"9.
ويظهر أن "جرهاء" كانت قد بلغت أوجهًا في هذا العهد، وقد بقيت على ذلك مدة، غير أننا لا ندري إلى متى بقيت على هذه الحال, والظاهر أن مدنًا أخرى أخذت تنافسها، مثل مدينة Charax، فأثرت هذه المنافسة فيها وذلك بتحول الطرق البحرية عنها، وتحسن وضع صناعة السفن مما أدى إلى