تمكنها من قطع مسافات واسعة من غير حاجة إلى التوقف في موانئ كثيرة، فلم تعد تقف في موانئ الجرهائيين أو أن الجرهائيين لم يتمكنوا بذلك من مزاحمة السفن الأخرى فأخذ نجمها في الأفول بالتدريج، ولعل لتحول طرق القوافل البرية دخلًا في ذلك أيضًا. فقد كانت الطرق البرية تتحول دومًا. لعوامل سياسية واقتصادية وعسكرية، وبتحسن وسائل المواصلات، فيؤدي هذا التحول إلى اندثار مدن وظهور مدن، ولا نزال نرى أثر هذا التحول في حياة قرى جزيرة العرب.
وأما جزيرة TYRصلى الله عليه وسلم / Tyrus، التي أشار "سترابو" إليها، فإنها جزيرة "تيلوس" Tylus / Tylos، التي ذكرها "بلينيوس"1. ويلاحظ وجود شبه بين "تيلوس" Tylus و"تلمون" أو "دلمون"1. الواردة في النصوص الآشورية، يحملنا على التفكير بوجود صلة بين الاسمين2. وقد أشرت إلى ذهاب الباحثين إلى أن "تيروس" Tyrus هي جزيرة من جزر البحرين. أما "كلاسر" فيرى أنها ليست من جزر البحرين، ولكنها جزيرة أخرى تدعى "دلمة" أو "بليجرد"، وقد رجح هذه الجزيرة على الأولى؛ لأن موقعها أقرب في نظره إلى المسافات التي أشار إليها "سترابون" من "دلمة"، ومن جزر البحرين، وقد ذهب "فورستر" إلى أن "تيروس" Tyrus، هي "أوال" وأما صلى الله عليه وسلمradus، فإنها "أرد" "أراد"، أي جزيرة "المحرق" من جزر البحرين، وقد تكون لتسمية "خليج عراد" بهذا الاسم علاقة بلفظة "أرد" "عرد" القديمة3.
ولم يعثر المنقبون حتي الآن على كتابات يونانية تشير إلى مدة حكم قواد الإسكندر للبحرين، ولكنهم عثروا على فخار يوناني يعود عهده إلى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وعلى فخار محلي مصنوع في البحرين عليه أسماء يونانية، وفي ذلك دلالة على سكن اليونان في البحرين لأغراض سياسية، أو حربية أو تجارية. قد يكون ذلك منذ عهد الإسكندرفيما بعد إلى انتهاء ملك خلفائه "السلوقيين"،