وكان يفد أيضا على ملوك الحيرة، ويمدح الأسود بن المنذر، أخا النعمان1. وقال له "النعمان بن المنذر": لعلك تستعين على شعرك هذا؟ فقال له الأعشى: احبسني في بيت حتى أقول، فحبسه في بيت، فقال قصيدته التي أولها:

أأزمعت من آل ليلى ابتكارا ... وشطت على ذي هوى أن تزارا

وفيها يقول:

وقيدني الشعر في بيته ... كما قيد الآسرات الحمار2

وورد في شعر الأعشى قوله:

وكنت امرأ زمنا بالعراق ... عفيف المناخ طويل التغن3

وإذا كان ما نسب إلى الأعشى من قوله:

لسنا كمن جعلت إياد دارها ... تكريت تنظر حبها أن يحصدا

جعل الإله طعامنا في مالنا ... رزقا تضمنه لنا لن ينفدا

مثل الهضاب جزارة لسيوفنا ... فإذا تراع فإنها لن تطردا

ضمنت لنا أعجازهن قدورنا ... وضروعهن لنا الصريح الأجردا4

صحيحا، فإنه يشير إلى أرض يقال لها "تكريت". وقد ذكر بعض علماء اللغة أن "تكريت" بنواحي الموصل، سميت بتكريت بنت وائل، أخت "قاسط"5. ويظهر أن الساسانيين قد أبعدوا بعض بطون "إياد" إلى هذه الديار، فأجبروهم على الإقامة بها، وأما النسب المذكور، فقد وضع فيما بعد. ويظهر من هذا الشعر أن تلك البطون قد تعلمت الزراعة، فزرعت الحب، والزراعة مزدراة في نظر العرب، ولهذا تبجح الشاعر عليها وافتخر، بكون قومه أصحاب إبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015