إلى لبيد بن ربيعة وهو صبي مع أعمامه على باب النعمان بن المنذر، فسأل عنه فنسب له. فقال له: يا غلام، إن عينيك لعينا شاعر، أفتقرض من الشعر شيئا؟ قال: نعم يا عم، قال: فأنشدني شيئا مما قلته، فأنشده قوله: "ألم تربع على الدمن الخوالي" فقال له: يا غلام أنت أشعر بني عامر. زدني يا بني، فأنشده: طلل لخولة بالرسيس قديم. فضرب بيديه إلى جبينه وقال: اذهب فأنت أشعر من قيس كلها: أو قال: هوازن كلها". ويقال: إنه أنشده: عفت الديار محلها فمقامها، فقال: اذهب فأنت أشعر العرب1.
وإذا أخذنا بالروايتين المذكورتين القائلتين إن "لبيدا" كان صبيا أو غلاما في أيام حكم الملك النعمان، وجب علينا افتراض أن ميلاده لم يكن بعيدا عن سنة "580" أو "581" أو "582م"، السنة التي تولى فيها "النعمان" الملك. ومعنى هذا أنه لم يعمر طويلا، وهو خلاف ما يذكره أهل الأخبار. وإن كل ما يمكن أن نتصوره من عمره، أنه كان في حوالي الثمانين حين داهمته منيته.
وقد جعل "بروكلمان" مولده حوالي السنة "560م"، وجعل وفاته سنة "40هـ". حوالي السنة "660م"، ومعنى هذا أنه كان من أبناء المائة حين جاء أجله2.
وللبيد شعر في "النعمان بن المنذر"، وصف فيه مجلسه. فذكر أنه كان قاعدا كعتيق الطير يُغضي ويُجل، والهبانيق قيام، بأيديهم الأباريق، تحسر الديباج عن أذرعهم، ينتظرون أمرا يصدره إليهم. وهو شعر مدون في ديوانه يعد من جيد شعره.
وله قصيدة في رثاء "النعمان"، وتعرض فيها للموت ولزوال النعيم، ولعدم دوام الدنيا لأحد، ثم تحدث عن النعمان وعن أعماله وتجارته ختمها بقوله:
وأمسى كأحلام النيام نعيمهم ... وأي نعيم خلته لا يزايل
ترد عليهم ليلة أهلكتهم ... وعام وعام يتبع العام قابل4