في جملة المائة فارس الذين وجههم "الحارث بن أبي شمر" الغساني، وهو "الأعرج" إلى "المنذر بن ماء السماء" لقتله، فلما صاروا إلى معسكر "المنذر"، أظهروا أنهم أتوه داخلين في طاعته، فلما تمكنوا منه قتلوه، فقتل أكثرهم، ونجا لبيد، حتى أتى ملك غسان فأخبره الخبر. فحمل الغسانيون على عسكر "المنذر" فهزموهم، وهو يوم "حليمة". وقد ذكر "ابن قتيبة" في كتابه "الشعر والشعراء" أن "الحارث" كان قد أمر "الوليد" على المائة فارس1، وذكر في كتابه "المعارف"، أنه كان غلاما إذ ذاك2. وقد وقعت معركة "يوم حليمة" سنة "554م"، فيجب أن يكون مولد "لبيد" قبل هذا العهد. ولو أخذنا برأي أهل الأخبار القائل إنه عاش فوق المائة، وأنه كان يوم توفي ابن مائة وثلاثين سنة، أو مائة وأربعين، أو مائة وسبع وخمسين أو مائة وستين3، جاز لنا تصور اشتراك "لبيد" في ذلك اليوم، غلاما أو شابا. ولم يذكر "ابن قتيبة" كيف جاء "لبيد" إلى "الحارث"، وهو في هذا العمر، ولم اشترك مع من اشترك في اغتيال "المنذر". ولكننا نجد "الميداني"، يسمي لبيدا الذي اشترك في اغتيال المنذر "لبيد بن عمرو"4، أي شخصا آخر، وهي رواية أدعى إلى القبول من رواية "ابن قتيبة".

وتقول قصة يرويها أهل الأخبار عن سبب نظم لبيد لأرجوزته الشهيرة، التي أولها:

يا رُبَّ هيجا هي خير من دعة ... إذ لا تزال هامتي مقزعة

أن "لبيدا" كان غلاما آنذاك، وكان قد ذهب مع وفد "بني عامر" أبناء "أم البنين"، وعليه "أبو البراء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب"، وقد وضعوه على رحالهم يحفظ أمتعتهم، ويغدو بإبلهم فيرعاها. وكان "النعمان" قد ضرب قبة على "أبي براء" وأجرى عليه وعلى من كان معه النزل، وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015