وأنه لما قال له الكاهن تموت بمكان يقال له إلاهة، مكث ما شاء الله ثم سار إلى الشأم في تجارة، ثم رجع في ركب من "بني تغلب" فضلوا الطريق، ثم نزلوا "إلاهة"، قارة بالسماوة، فلما أتوها نزل أصحابه، وقالوا: انزل. فقال: والله لا أنزل! فجعلت ناقته ترتعي عرفجًا فلدغتها أفعى في مشفرها، فاحتكت بساقه والحية بمشفرها فلدغته في ساقه، فقال لأخ معه احفر لي قبرا فإني ميت، ثم رفع صوته بأبيات منها:
لعمرك ما يدري امرؤ كيف يتقي ... إذا هو لم يجعل له الله واقيا
كفى حزنا أن يرحل الحي غدوة ... وأصبح في أعلى إلاهة ثاويا1
ومات من ساعته، فقبره هناك. وهو القائل:
لعمرك ما عمرو بن هند إذا دعا ... لتخدم أمي أمه بموفق2
ومن شعراء تغلب: "الأخنس بن شهاب" التغلبي، فارس العصا3 وينسب له قوله:
يظل بها ربد النعام كأنها ... إماء تزجى بالعشي حواطب4
وقد قال "الأخنس" في أول القصيدة:
لابنة حطان بن عوف منازل ... كما رقش العنوان في الرق كاتب
وذكر "الأعلم الشنتمري" قبله:
فمن يك أمسى في بلاد مقامه ... يسائل أطلالا بها ما تجاوب
فلابنة حطان بن عوف منازل ... كما رقش العنوان في الرق كاتب
وفي جملة أبياتها:
فوارسها من تغلب ابنة وائل ... حماة كماة ليس فيها أشائب