قتل "حجر" على وجه صحيح، غير أننا نستطيع أن نقول إن حكمه لم يدم طويلا على "بني أسد" الذين انتهزوا فرصة وفاة "الحارث" وعودة الحكم إلى ملوك الحيرة، أيام "المنذر بن ماء السماء" الذي أخذ يتعقب آل الحارث، ليقتلهم، فثاروا على "حجر" وقتلوه.
وذكر أن "المنذر بن ماء السماء" هو الذي قتل عبيدا، قتله يوم بؤسه. وكان يقتل فيه أول من يطلع عليه. فلما رآه المنذر، قال له: هلا كان هذا لغيرك يا عبيد! أنشدني، فربما أعجبني شعرك! فقال له عبيد: حال الجريض دون القريض. قال: أنشدني: أقفر من أهله ملحوب، فأنشده عبيد:
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد
فسأله أي قتلة يختار؟ قال عبيد: اسقني من الراح حتى أثمل، ثم افصدني الأكحل، ففعل ذلك به، ولط بدمه الغريين. والغريان طربالان كان يلطخهما بدماء القتلى يوم بؤسه. وكان بناهما على نديمين له، وهما: خالد بن نضلة الفقعسي، وعمرو بن مسعود1.
وذكر الرواة أن الملك قال لعبيد: أي قتلة يختار؟ أنشأ يقول:
وخيرني ذو البؤس في يوم شؤمه ... خصالا أرى في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الدهر مرة ... سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكل ببلدة ... فتتركها إلا كما ليلة طلق2
وقد ذكر "ابن قتيبة" أن "قصيدته التي يقول فيها: أقفر من أهله ملحوب، وهي إحدى السبع"، هي من أجود شعره3.