ومن الشعراء القدماء: "زهير بن جناب" الكلبي، سيد بني كلب وقائدهم، وكان شجاعًا مظفرًا ميمون النقيبة في غزواته1. ذكر أنه لما قدمت الحبشة تريد هدم البيت خرج "زهير" فلقي ملكهم، فأكرمه ووجهه ناحية العراق يدعوهم إلى الدخول في طاعته، فلما صار في أرض "بكر بن وائل" لقيه رجل منهم فطعنه، لكنه نجا وفر هاربًا، وعمر طويلًا. وقد مات منتحرًا. شرب الخمر صرفًا حتى قتلته. وفي الشعر المنسوب إليه ما يشك بصحة نسبته إليه. وقد ذكر أنه كان في أيام "داود بن هُبالة"، الذي كان أول ملك للعرب في بلاد الشام، فغلبه ملك الروم على ملكه، فصالحه داود على أن يقره في منازله ويدعه فيكون تحت يده، ففعل. فكان يغير بمن معه، ثم تنصر وكره الدماء وبنى ديرًا، سمي "دير اللثق"، وأنزله الرهبان، ثم إن ملك الروم طلب منه أن يغزو بمن معه من العرب، ففعل وكان معه في جيشه زهير بن جناب. فقتل زهير بن جناب "هداج بن مالك" سيد عبد القيس، فتواعد رجلان من قضاعة على قتل "داود"، وكان إذا سار ليلًا، سار وأمامه شمعة، فقتلاه2.
"قال أبو حاتم: عاش زهير بن جناب مائتي سنة وعشرين سنة، وأوقع مائتي وقعة، وكان سيدًا مطاعًا شريفًا في قومه، ويقال: كانت فيه عشر خصال لم يجتمعن في غيره من أهل زمانه، كان سيد قومه، وشريفهم، وخطيبهم وشاعرهم، ووافدهم إلى الملوك، وطبيبهم -والطب في ذلك الزمان شرف- وحازي قومه -والحزاة الكهان- وكان فارس قومه، وله البيت فيهم، والعدد منهم.
ونسبوا له وصية، ذكروا أنه أوصى بها بنيه حين حضرته الوفاة، وذلك على طريقتهم عند تحدثهم عن المعمرين.
وقد أورد أهل الاخبار له شعرًا، في العمر وفي النساء وفي مخاطبة أولاده1. وقد نسبوا له هذا الشعر: