اجتماع الرفع مع الجر، وأما الإقواء بالنصب فقليل. وهو في نظرهم عيب1. وزعموا أن بعضًا من شعراء الجاهلية أكفأوا في شعرهم. والإِكفَاء، المخالفة بين حركات الروي رفعًا ونصبًا وجرًّا، أو المخالفة بين هجائها، أي القوافي: فلا يلزم حرفًا واحدًا تقاربت مخارج الحروف أو تباعدت، ومثله أن يجعل بعضها ميما وبعضها طاء، وقال بعضهم: الإكفاء في الشعر هو التعاقب بين الراء واللام والنون. وهو أحد عيوب القافية الستة التي هي: الإيطاء، والتضمين، والإقواء، والإصراف، والإكفاء، والسناد2.
وقد روى أهل الأخبار قصة زعموا أنها وقعت للنابغةن وكان لا يعرف شيئًا عن إقوائه بشعره، فلما وقعت له عرف به فعافه، ذكروا أن الناس خافوا تنبيه الشاعر إلى إقوائه، وبقي هو عليه، حى دخل يثرب، فأرادوا إظهار عيبه له فأمروا قينة لهم أن تغنيه شعره، فغنته:
أمن آل مية رائج أو مغتدي ... عجلان ذا زاد وغير مزود
زعم البوارح أن رحلتنتا غدًا ... وبذاك حدثنا الغراب الأسود3
ففطن إليه ولم يعد إلى إقواء. "قال أبو عمرو بن العلاء: فَحْلان من الشعراء كانا يُقْوِيان، النابغة وبشر بن أبي خازم، فأما النابغة فدخل يثرب فغني بشعره ففطن فلم يعد للإقواء، وأما بشر فقال له أخوه سوادة: إنك تقوي، قال: وما الإقواء؟ قال: قولك:
ألم تر أن طول الدهر يسلي ... وينسي مثل ما نسيت جذامُ
ثم قلت:
وكانوا قومنا فبغوا علينا ... فسقناهم إلى البلد الشآمِ
فلم يعد للإقواء"4.