ورويت قصة إقواء "بشر بن أبي خازم" بشكل آخر، فقد زعم أن أخاه "سوادة" قال له: إنك تُقْوِي، قال: وما الإقواء؟ قال: قولك:
ألم تر أن طول الدهر يُسلي ... وينسي مثل ما نسيت جذامُ
ثم قلت:
وكانوا قومنا فبغوا علينا ... فتقناهم إلى البلد الشآم
فلم يعد للإقواء"1، أو أن أخاه "سمير"، قال له: "أكفأت وأسأت.
فقال: وما ذاك؟ "2.
وقد ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فزعموا أن المصاحف لما كتبت "عرضت على عثمان، فوجد فيها حروفًا من اللحن، فقال: لا تغيروها، فإن العرب ستغيرها -أو قال ستعربها- بألسنتها، لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل توجد هذه الحروف"3، وقد كان كل من اختارهم الخليفة لكتابة القرآن من خالص العرب، ولم يكن من بينهم من هو من المولدين أو الموالي، وقد كانوا من الفصحاء الألباء، فكيف وقع منهم اللحن إذن؟
بل زعموا أن "عمر ضرب أولاده لما لحنوا، وأن "معاوية "كلم "عبيد الله بن زياد"، فوجده كيسًا عاقلا على أنه يلحن فكتب إلى والده بذلك4، وزعموا أن "الحجاج" كان يلحن، زعموا أنه لحن في القرآن، فقرأ: "إنا من المجرمون منتقمون"5، وزعموا أنه لحن في آيات أخرى6، والحجاج من ثقيف، ولم يكن أعجميًّا، حتى يظهر اللحن منه، مع إنهم جعلوه أحيانًا من أفصح العرب، ومن لم يلحن في حياته في جد ولا هزل. قال "الأصعمي": "أربعة لم يلحنوا في جد ولا هزل: الشعبي، وعبد الملك بن مروان، والحجاج بن