والمملي من هذيل لم يوجد فيه هذه"1، ثم ما ورد من وقوع اللحن من عرب أقحاح، ومنهم من ولي الحكم وإدارة أمور المسلمين2، ومنهم ابنة "أبي الأسود الدؤلي" التي لحنت أمامه، فعمل باب التعجب على ما يزعمه الرواة3.

وتوحي الأحاديث الواردة في الحث على إعراب القرآن، والكتب التي ألفها العلماء في إعرابه، أن من العرب: من أهل مدر وأهل وبر، من كان يقرأ القرآن بغير إعراب، إما لأن لغته لم تكن معربة، وإما لأن إعرابها كان لا يتجانس مع إعراب القرآن، وسببه أن الجاهليين لم يكونوا يتقيدون جميعًا بقواعد الإعراب، فمنهم من كان يتحلل منه، ومنهم من يعمل به وفق قواعد لغته ولهجته، ودليل ذلك قراءة الصحابة القرآن بألسنتهم، مما سبب في ظهور مشكلة القراءات، وهذا ما أخاف الصحابة، وجعلها تخشى من احتمال ظهور قَرَائِين مختلفة، مما حمل "عثمان" على توحيد لغة القرآن، وتدوين كتاب الله حسب التوصيات التي أعطاها إلى اللجنة التي كلفها بتدوينه.

أضف إلى ذلك ما نجده في الكتب من إجازة إصلاح اللحن والخطأ في الحديث. من مثلما نسب إلى الأوزاعي من قوله: "لا بأس بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث"، وقوله: "أعربوا الحديث فإن القوم كانوا عربًا"، ومثل ما نسب إلى "يحيى بن معين" من قوله: "لا بأس أن يقوم الرجل حديثه على العربية" وإلى "ابن أبي رباح" حين سئل عن الرجل يحدِّث بالحديث فيلحن، هل يحدث به كما سمع منه أم يعرِب، فقال لسائله: لا، بل أعربه. وما ورد في أقوال العلماء في جواز أو عدم جواز إصلاح اللحن في الحديث، واختلافهم فيه4، هو دليل على أن من العرب من كان يقع في اللحن أيضًا، وإن اللحن لم يقع من الأعاجم وحدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015