{إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} 1، وتأويلهم القراءة جملة تأويلات، لأن القاعدة النحوية تقول: "إنَّ هذين" بينما القراءة: "إنَّ هذان"، فعلَّلوها جملة تعليلات، منها أن هذه القراءة نزلت بلغة "بني الحارث بن كعب" ومن جاورهم يجعلون الاثنين، أي المثنى في رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف، كما في قول بعض "بني الحارث بن كعب":
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغًا لناباه الشجاع لصمما
وقيل إن القراءة، هي قراءة بلحارث بن كعب، وخثعم، وزبيد ومن وليهم من اليمن2. ونسبها "الزجاج" إلى كنانة، وابن جني إلى بعض بني ربيعة3.
ثم ما ورد في خبر آخر عن سعيد بن جبير، من قوله: "في القرآن أربعة أحرف لحن: {الصَّابِئُون} 4، {وَالْمُقِيمِين} 5، {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} 6، {إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} 7" إلى غير ذلك من أخبار. ثم ما ورد من قول "عثمان": "إن في القرآن لحنًا، وستقيمه العرب بألسنتها"، وأمثال ذلك8، وما ذكر من أن "أبا بكر"، كان يستحب أن يسقط القارئ الكلمة من قراءته على أن يلحن فيها9، أفلا يدل هذا الخبر، على أن اللحن كان معروفًًا ومتفشيًا في عهد "أبي بكر"، وما روي في رواية تقول: "لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان -رضي الله عنه- فوجد فيها حروفًا من اللحن، فقال: لا تغيروها فإن العرب ستغيرها، أو قال ستعربها بألسنتها، لو كان الكاتب من ثقيف