ثم كيف نفسر حديث: "أرشدوا أخاكم"، أو "أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل" مع قولهم إن العربي لا يخطئ في كلامه ولا يلحن، لأنه يتكلم عن طبع وسليقة، ولم يكن هذا الذي لحن أمام الرسول، أعجميًّا، وإنما كان عربيًّا، فإذا كان الأمر كذلك، فكيف وقع اللحن إذن؟ ثم كيف نفسر خبر سماع الإمام "علي" أعرابيًّا، وهو يلحن في القرآن ويقرأ: "لا يأكله إلا الخاطئين"1، أو خبر ذلك الأعرابي الذي قرأ "أن الله بريء من المشركين ورسولِه" بالجر، لأن رجلا من أهل المدينة أقرأه إياها على هذا النحو، فبلغ ذلك "عمر"، فأمر ألا يقرأ القرآن إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود أن يضع النحو2، والأعراب هم لب العرب، وصفوتهم في الكلام، فكيف وقع هذا الأعرابي في اللحن يا تُرَى؟ ثم كيف نفسر قول من زعم أن في القرآن آيات فيها لحن، مثل: "إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ"3 {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} 4، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} 5، ومواضع أخرى تحتاج إلى تأويل ليستقيم إعرابها6، أو إلى إصلاح إملائها لتنجو من اللحن7.
ثم كيف اختلف قراء القرآن في نصب "الطير" في الآية: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} أو رفعها8، واختلافهم في ضم الفاء أو فتحها في الآية: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} 9، واختلافهم في بناء الفعل للمجهول أو للمعلوم في الآية: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} 10، وغير ذلك من مواضع اختلاف، اختلف فيها القراء، مع كونهم من العرب الأَقْحَاح.
ثم كيف نفسر اضطراب العلماء وذهابهم مذاهب في قراءة الآية: {قَالُوا