إلى الجاهليين. أما مؤلفات وكتب، وصحف مدونة فلم يصل منها إلينا أي شيء.

ولكن ذلك لا ينفي عدم وجودها عند أهل الجاهلية. وقد تحدثت عن موضوع التدوين عند الجاهليين في موضع آخر من هذا الكتاب.

وللجاحظ رأي في كلام العرب، فهو يرى أن "كل شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليست هناك معاناةٌ ولا مكابدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة، وإنما هو أن يصرف وهمه إلى الكلام "فتأتيه المعاني أرسالًا، وتنثال عليه الألفاظ انثيالًا، ثم لا يقيده على نفسه، ولا يدرسه أحد من ولده"، على حين يكون كلام العجم "عن طول فكرة وعن اجتهاد رأي، وطول خلوة، وعن مشاورة ومعاونة، وعن طول التفكير ودراسة الكتُب1. وقد حصر أصناف البلاغة عند العرب بالقصيد والرجز، وهما من الشعر، وبالمنثور، وهو الكلام المرسل، وبالأسجاع، وبالمزدوج وما لا يزدوج من الكلام2.

أما موضوع وجود ترجمات جاهلية عربية للتوراة والإنجيل والكتب الشرعية الأخرى المعتبرة عند أهل الكتاب، فموضوع لم يتفق عليه الباحثون حتى الآن.

نعم ورد في الأخبار أن الأحناف كانوا قد وقفوا على كتب الله، وقرأوها بالعبرانية وبالسريانية، وأنهم كتبوا بهما وبالعربية3، ولكن هذه الأخبار غامضة غير واضحة، يجب أخذها بحذر، كما ورد أن بعض الرقيق من أهل الكتاب ممن كان بمكة كان يقرأ كتاب الله، وكانت قريش ترى رسول الله يمرّ عليه ويجلس عنده ويستمع إليه، فقالت: إنما يتعلم "محمد" منه4، ولكن الأخبار الواردة عن هذا الموضوع لا تشير إلى أن هذا الذي زعم أنه كان يعلم الرسول، كان قد دوّن ترجمة كتب الله، أو تفاسيرها بالعربية، وأن الناس قد وقفوا عليها.

وأما ما ورد من أمر "عمرو بن سعد بن أبي وقاص" "عمرو بر سعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015