وفصيح"1، فالخطيب هو الذي يخطب باسم الوفد أو القوم، وله لذلك عندهم مقام جليل، لأنه عقل من يتكلم باسمهم ولسانهم، والبليغ من يتحدث ويتكلم في المجالس والأندية، بكلام بليغ رصين، والفصيح من يفصح ويعرب بلسانه، ونجدهم يقولون أحيانًا: خطيب فصيح، وشاعر فصيح، فالفصاحة صفة تلحق بالمتكلم ناثرًا كان أو كان شاعرًا.
وللبيان عند العرب مقام كبير. وقد أشاد القرآن بالبيان، فقال: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} 2. فجعل البيان في جملة ما علمه الله الإنسان. ونعت القرآن بأنه نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} 3، ووصف القرآن بقوله: {طس، تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} 4. وينسب إلى الرسول قوله: "إن من البيان لسحرا" 5، وورد في المثل: "جرح اللسان كجرح اليد".
هو في شعر امرئ القيس". يضرب في تأثير الوقيعة6، وفي أثر القول في فعل الناس.
وروي أن ذوي الفهم والعلم من قريش تأثروا ببلاغة القرآن وفصاحته، فروي أن "الوليد بن المغيرة"، وكان من بلغاء قريش وفصائحهم ومن علمائهم بالشعر، لما دخل على "أبي بكر" يسأله عن القرآن "فلما أخبره خرج على قريش. فقال: يا عجبًا لما يقول ابن أبي كبشة، فوالله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون"، أو أنه قال لما سمع القرآن: "والله لقد نظرت فيما قال هذا الرجل، فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يعلى، وما أشك أنه سحر"، أو أنه قال: "سمعت قولًا حلوًا أخضر مثمرًا، يأخذ بالقلوب. فقالوا: هو شعر. فقال: لا والله ما هو بالشعر، ليس أحد أعلم بالشعر مني، أليس قد عرضت عليّ الشعراء شعرهم! نابغة وفلان وفلان. قالوا: فهو كاهن. فقال: لا والله ما هو بكاهن، قد عرضت