خلاكم، ويوم دينه أنجاكم، فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار، لا أشقياء ولا فجّار، يقومون الليل ويصومون النهار، لربكم الكبار، رب الغيوم والأمطار.
وقال أيضا: لمّا رأيت وجوههم حسُنت، وأبشارهم صفت، وأيديهم طفلت، قلت لهم: لا النساء تأتون، ولا الخمر تشربون، ولكنكم معشر أبرار تصومون يومًا، وتكلفون يومًا، فسبحان الله! إذا جاءت الحياة تحيون، وإلى ملك السماء ترقون! فلو أنها حبة خردلة، لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور، ولأكثر الناس فيها الثبور.
وكان مما شرع لهم مسيلمة أن من أصاب ولدًا واحدًا عقبًا لا يأتي امرأة إلى أن يموت ذلك الابن فيطلب الولد، حتى يصيب ابنًا ثم يمسك، فكان قد حرّم النساء على من له ذكر"1.
وبلاغة الكلام معروفة عند الجاهليين، فقد كانوا ينعتون المتكلم الجيد بالبليغ، وفي القرآن الكريم: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} 2.والبليغ الفصيح الذي يبلغ بعبارته كنه ضميره ونهاية مرامه3. سأل "معاوية" "صحار بن عياش" العبدي4، ما البلاغة؟ فقال: لا تخطئ ولا تبطئ. أو أنه قال له: ما البلاغة؟ قال: الإيجاز. قال: ما الإيجاز؟ قال: أن لا تبطئ ولا تخطئ. وكان قد دهش من فصاحته وبلاغته، فقال له: ما هذه البلاغة فيكم؟ قال: شيء يختلج في صدورنا فنقذفة كما يقذف البحر بزبده5.
وقد ميز "الطبري" وغيره من العلماء بين الخطباء وبين الفصحاء والبلغاء، فالخطباء هم من جماعة صناع الكلام، وصناعتهم صناعة الخطب، وذكر بعدهم "البلغاء"، صناع البلاغة، ثم "الشعر" والفصاحة، فجعل للشعر في مقابل الفصاحة، ثم السجع والكهانة، وقال: "كل خطيب منهم وبليغ، وشاعر منهم