وأملى في الجواب: "من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين".
ولما صدر الرسولان إلى مسيلمة الكذاب افتعل كتابًا يذكر فيه أنه جعل له الأمر من بعده، فصدّقه أكثر بني حنيفة.
وبلغ من تبركهم به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو لمريضهم، ويبارك لمولودهم، وجاءه قوم بمولود لهم فمسح رأسه فقرع. وجاءه رجل يسأله أن يدعو لمولود له بطول العمر، فمات من يومه.
وكان ثمامة بن أثال الحنفي يقشعر جلده من ذكر مسيلمة، وقال يومًا لأصحابه: إن محمدًا لا نبي معه ولا بعده، كما أن الله تعالى لا شريك له في ألوهيته، فلا شريك لمحمد في نبوته. ثم قال: أين قول مسيلمة: يا ضفدع نِقي نقي، كم تنقين! لا الماء تكدرين، ولا الشِربَ تمنعين، من قول الله تعالى الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم: {حم?، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} . فقالوا: أوقح بمن يقول مثل ذلك مع مثل هذا! "1.
وقد روي قول "مسيلمة" في الضفدع على هذا النحو: "يا ضفدع بنت ضفدعين: نقي ما تنقين. نصفك في الماء ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين"2. وروي أن وفد اليمامة لما قدم على "أبي بكر" بعد مقتل مسيلمة، "قال لهم: ما كان صاحبكم يقول؟ فاستعفوه من ذلك، فقال: لتقولن. فقالوا: يا ضفدع نقي كم تنقين، لا الشارب3 تمنعين، ولا الماء تكدرين في كلام من هذا كثير. فقال أبو بكرك: ويحكم! إنّ هذا الكلام لم يخرج من إلّ ولا بر، فأين ذهب بكم"4؟، أو أنه قال: هذا كلام ما أتى من عند إل، أي: من عند الله. وهو في الأسماء الأعجمية إيل، مثل إسرافيل، وجبريل، وميكائيل، وإسرائيل، وإسماعيل"5.
وقيل: الإلّ: