من يعيش ويبقى إلى أجل ومنتهى، والله يعلم السر وأخفى، ولا تخفى عليه الآخرة والأولى.

ومنها: اذكروا نعمة الله عليكم واشكروها؛ إذ جعل لكم الشمس سراجًا، والغيث ثجاجًا، وجعل لكم كباشًا ونعاجًا، وفضة وزجاجًا، وذهبًا وديباجًا، ومن نعمته عليكم أن أخرج لكم من الأرض رمّانًا، وعنبًا، وريحانًا، وحنطة وزؤانًا.

وكان أبو بكر إذا قرع سمعه هذه الترهات يقول: أشهد أن هذا الكلام لم يخرج من إله"1.

"وكان رجّال بن عنفوة صاحب مسيلمة قدم المدينة مرارًا، وقرأ القرآن وأظهر الإيمان، وأسرّ الكفر. ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم، بينما هو جالس في أصحابه، إذ سمع وطئًا من خلفه، فقال: "هذا وطء رجل من أهل النار"، فإذا هو رجّال بن عنفوة. فلما قدم وفد حنيفة على النبي صلى الله عليه وسلم -وفيهم مسيلمة إلا أنه لم يلقه- وأظهروا الإسلام وأرادوا الانصراف، أمر لهم عليه الصلاة والسلام بجوائز كعادته في الوفود، وقال: "هل بقي منكم أحد؟ " قالوا: لا، إلا رجل منا يحفظ رحالنا -يعنون مسيلمة- فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس بشرِّكم مكانًا". فلما رجع الوفد إلى مسيلمة وقد بلغه كلام النبي صلى الله عليه وسلم، قال لهم: قد سمعتم قول محمد في: ليس بشرِّكم مكانا، وقد أشركني في الأمر بعده، فعليكم به. ولما انصرفوا إلى اليمامة أعلن مسيلمة النبوة، وادعى الشركة، وفتن أهل اليمامة، وانقسموا بين مصدّق ومكذّب، وراض وساخط. وكتب مسيلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كتابًا قال فيه: إلى النبي محمد رسول الله من مسيلمة رسول الله، أما بعد، فإني قد أُشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشًا قومٌ يعتدون ولا يعدلون. وختم الكتاب وأنفذه مع رسولين، فلما قرئ الكتاب على النبي صلى الله عليه وسلم، قال لهما: "ما تقولان؟ " قالا: نقول ما قال أبو ثمامة، فقال: "أما والله لولا أن الرسل لا يقتلون لقتلتكما".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015