سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن قالت قريش: أتدرون ما الرحمن؟ هو كاهن اليمامة! ". وقد قالوا لمسيلمة: رحمان، وقالوا أيضا فيه: رحمان اليمامة1.
وأنا لا أستبعد احتمال مجيئة إلى مكة قبل الإسلام. فقد ذكر أنه تزوج "كبشة" "كيسة بنت الحارث بن كريز بن حبيب بن عبد شمس"2، وهي من مكة، فلا يعقل عدم مجيئة إلى مكة وإقامته بها بعض الوقت، ومجيئه إليها بين الحين والحين. ومن هنا كان لأهل مكة علم بدعوة مسيلمة إلى عبادة "الرحمان".
وقد زعم أنه "كان يقول: أنا شريك محمد في النبوة، وجبريل عليه السلام ينزل عليّ كما ينزل عليه، وكان رَجّال بن عنفوة من رائشي نبله، والحاطبين في حَبله، والساعين في نصرته. وكان مسيلمة يقول: يا بني حنيفة، ما جعل الله قريشًا بأحق بالنبوة منكم، وبلادكم أوسع من بلادهم، وسوادكم أكثر من سوادهم، وجبريل ينزل على صاحبكم مثل ما ينزل على صاحبهم. ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد الناس يتذاكرونه وما يبلغهم عنه، قوله وقول بني حنيفة فيه، فقام يومًا خطيبًا، قال بعد حمد الله والثناء عليه. أما بعد، فإن هذا الرجل الذي تكثرون في شأنه كذّاب في ثلاثين كذّابًا قبل الدجال، فسماه المسلمون مسيلمة الكذاب، وأظهروا شتمه وغيبه وتصغيره، وهو باليمامة يركب الصعب والذّلول في تقوية أمره، ويعتضد برجال بن عنفوة، وهو ينصره ويذب عنه ويصدق أكاذيبه، ويقرأ أقاويله التي منها: والشمس وضحاها، في ضوئها ومن جلاها. والليل إذا عداها، يطلبها ليغشاها، فأدركها حتى أتاها وأطفأ نورها فمحاها"3.
"ومنها: سبح اسم ربك الأعلى، الذي يسر على الحُبلى، فأخرج منها نسمة تسعى، من بين أحشاء ومعى، فمنهم من يموت ويدس في الثرى، ومنهم