أهل الكتاب وسادات القبائل والرجال، قدموا للخلفاء كتبًا مزورة فيها إقرار قرار وإحقاق حق، للمطالبة بتنفيذ ما جاء فيها، وفي حديث: "من كذب علي متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار" 1، وحديث آخر يشبهه هو: "إن الذي يكذب عليّ يبني له بيتًا من النار"، وأحاديث أخرى من هذا القبيل2، دلالة على وقوع الكذب على الرسول في حياته وبعد وفاته.
وقد ورد أن الرسول "حين جاءته وفود العرب، فكان يخاطبهم جميعًا على اختلاف شعوبهم وقبائلهم وتباين بطونهم وأفخاذهم، وعلى ما في لغاتهم من اختلاف الأوضاع وتفاوت الدلالات في المعاني اللغوية، على حين أن أصحابه رضوان الله عليهم ومن يفد عليه من وفود العرب الذين لا يُوجّه إليهم الخطاب كانوا يجهلون من ذلك أشياء كثيرة: حتى قال له علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- وسمعه يخاطب وفد بني نهد: يا رسول الله، نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره؟ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوضح لهم ما يسألونه عنه مما يجهلون معناه من تلك الكلمات، ولكنهم كانوا يرون هذا الاختلاف فطريًّا في العرب فلم يلتفتوا إليه"3.
فإذا كان الأمر من اختلاف لغات العرب على هذا النحو، وإذا كان الصحابة ومنهم الخلفاء، وهم على ما هم عليه من فصاحة وبلاغة، لم يفهموا كلام الوفود، فهمًا صحيحًا، حتى كان الرسول يفسر لهم ما كان يقوله للوفود، وما كانت الوفود تقوله له، فكيف نصدق بصحة نصوص خطبهم وكلامهم، وقد ألقيت بلهجاتهم الخاصة، ولم يكن هناك كتبة ولا مدوّنون، يدونون محاضر جلسات الرسول مع الوفود، ومحاضر كلامه معهم، وما كان يقع بحضرته من نقاش وكلام؟
وأنت إذا راجعت خطب الرسول التي خطبها في "حجة الوداع" تجدها وقد