العربية عربية العرب جميعًا من أنصار ومهاجرين، أهل بادية وقرى. "قال الأزهري: وجعل الله عز وجلّ، القرآن المنزل على النبي المرسل محمد، صلى الله عليه وسلم، عربيًّا؛ لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب، في باديتها وقراها العربية، وجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، عربيًّا لأنه من صريح العرب"1. فلسان القرآن، لسان العرب جميعًا من مهاجرين وأنصار، لا لسان قريش خاصة، والنبي وإن كان من قريش، لكنه كان عربيًّا من صريح العرب، ودعوته، لم تكن دعوة ضيقة خاصة بقريش، إنما كانت دعوة عامة جاءت إلى كل العرب، قوم النبي، ولهذا نزل بلسانهم وبهذا جاءت الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} 2، ثم إلى الناس عامة لحديث: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" 3.

وأما ما زعموه من تخير قريش وانتقائها أفضل لغات العرب، حتى صار لسانها أعرب الألسنة، فزعم بني علي خبر "روي عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أنه قال: قريش هم أوسط العرب في العرب دارًا، وأحسنه جوارًا، وأعربه ألسنة"4، وعلى خبر ينسب إلى قتادة نصه: "كانت قريش تجتبي -أي: تختار- أفضل لغات العرب، حتى صار أفضل لغاتها لغتها، فنزل القرآن بها"5. وهو خبر لا زال يردد ويكرر يوضع بين أقواس تارة وبغير أقواس تارة أخرى، استشهادًا به حتى وكأنه صار آية نزلت من السماء، مع كون "قتادة" من الضعفاء، وقد تحدث عن "ابن عباس" مع أنه لم يلتق به، ونسب له أقوالًا شاعت بين الناس، مع أنه لم يره ولم يسمع منه، فهل يؤخر بعد بقوله على أنه حجة، أو كأنه آية نزلت من السماء! وهل نقبل خبره عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015