رجاء تحقيق مطلب. أو نيل جائزة، كما كانت الوفود تقدم إليهم، وتخطب أمامهم، وكان لهم ديوان بالعربية وبالفارسية، لكتابة الرسائل إلى عمالهم على الأمصار وإلى سادات القبائل بالعربية، وإلى الفرس بالفارسية، كما كان الفرس يكتبون إليهم بالعربية، كما أجمعت على ذلك الموارد العربية والموارد الفارسية التي نقل منها المؤرخون أخبار الحيرة إلى العربية، وكان لهم -كما يقول أهل الأخبار- ديوان شعر فيه أشعار الفحول وما مدح به النعمان بن المنذر وأهل بيته1، وكانت لهم مدارس تدرس الأطفال العربية، وكذلك كانت لأهل الأنبار ولأهل عين التمر مدارس تدرس العربية، كما تحدثت عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب، ولما جاء "خالد بن الوليد" إلى الحيرة وسأل سادتها: "ويحكم! ما أنتم! أعرب؟ فما تنقمون من العرب! أو عجم؟ فما تنقمون من الإنصاف والعدل! فقالوا له: بل عرب عاربة وأخرى متعربة، فقال: لو كنتم كما تقولون لم تحادّونا وتكرهوا أمرنا، فقالوا له: ليدلك على ما نقول أنه ليس لنا لسان إلا بالعربية، فقال: صدقتم2. فقال تكلم "خالد" معهم بالعربية، وتفاهم معهم وأيدهم في أن لسانهم هو اللسان العربي الذي لا لسان لهم غيره. كما أن لسانه هو اللسان العربي. وبهذا اللسان كان يتكلم ملوك الحيرة ويسمعون الشعر، ويخاطبون الوفود وأتباعهم. وبه كانوا أنفسهم ينظمون أشعارهم، لم يجدوا صعوبة في التفاهم مع أحد، ولم يجد أهل مكة ولا غيرهم من كان يأتي الحيرة، صعوبة في التخاطب والتفاهم مع أهلها، فهل يعني هذا أن أهل الحيرة، كانوا يتكلمون بلغة قريش وأنهم بفضل تكلمهم بهذه اللغة كانوا يتفاهمون مع الوافدين إليهم من مكة وغيرها من أنحاء جزيرة العرب! وأنهم لو لم يكونوا يعرفون عربية قريش، لكان أمر التفاهم معهم صعبًا! إذن فعربية أهل الحيرة، هي عربية قريش، أخذوها منهم بسبب نفوذهم السياسي، وغلبة لسانهم على ألسنة العرب! ولكن لو كان الأمر كذلك، فلِمَ كان جواب أهل الحيرة لخالد حين سألهم: ويحكم ما أنتم! أعرب؟ نحن عرب عاربة وأخرى متعربة، وليدلك على ما نقول، إنه ليس لنا لسان إلا بالعربية، ولم يقولوا له، إنه ليس لنا لسان إلا