وقد ذكر أن الحارث بن كلدة كان شاعرًا ذا حكمة في شعره، وقد أورد الآحدي له أبياتًا في أثناء ترجمته له1 وذكره "أبو العلاء المعري" في "رسالة الغفران"، ونسب له قوله:

فما عسل ببارد ماء مزنٍ ... على ظمأُ لشاربه يُشاب

بأشهى من لقيكم إلينا ... فكيف لنا به ومتى الإياب2

وذكر الأخباريون، أن "الحارث" هذا، كان قد داوى الملك "أبا جبر" الكندي، وكان ملكًا شديد البأس، فخرج إلى كسرى يستجيشه على قومه فأعطاه جيشًا من الأساورة، فلما بلغوا "كاظمة" سمّوه، ثم تركوه وعادوا، فسار "أبو جبر" إلى "الطائف"، ليداويه "الحارث بن كلدة" ويشفيه، فداواه فبرئ وارتحل يريد اليمن فنكس ومات. فرثته عمته "كبشة"3.

وقد عاصر رسول الله، وفي بعض الروايات أنه أسلم ومات مسلمًا في خلافة "عمر"، وأنه أكل مع "أبي بكر" وأنه شهد أن "أبا بكر" مات مسمومًا4 وأنه خرج مع النساء حينما حاصر المسلمون الطائف سنة تسع للهجرة. وأنه عاش إلى أيام معاوية في رواية. وأن "آل نافع" و"آل أبي بكرة" كانوا يزعمون أنهم من نسله5.

وأما النضر بن الحارث بن كلدة الثقفي فهو ابن خالة الرسول. وكان النضر قد سافر البلاد أيضًا كأبيه، واجتمع بالأفاضل والعلماء بمكة وغيرها، وعاشر الأخبار والكهنة، واشتغل وحصل من العلوم القديمة، واطلع على علوم الفلسفة وأجزاء الحكمة، وتعلم من أبيه ما كان يعلمه من الطب وغيره وكان يؤاتي أبا سفيان في عداوة النبي، ويحسده، ويكثر الأذى له، ويتكلم فيه بأشياء كثيرة، ويحط من قدره عند أهل مكة. فلما كانت وقعة بدر، كان على رأس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015