ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ ورُبَّما ... مَنَّ الفَتَى وهوَ المَغيطُ المُحْنَقُ
فالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ تركت قرابة ... أَحَقُّهُمْ إنْ كانَ عتقٌ يُعْتَقُ1
وورد اسم رجل أدخل للمسلمين القصص الديني، هو "تميم بن أوس بن خارجة" الداري2، ذكر أنه أسلم سنة تسع من الهجرة، وأنه كان نصرانيًّا، وأنه لقي النبي، فقص عليه قصة الجساسة والدجّال. وذكر أنه كان يترهب ويسلك مسلك رجال الرهبانية حتى بعد إسلامه، وأنه استأذن الخليفة "عمر" أو الخليفة "عثمان" في أن يذكر الناس في يوم الجمعة، فأذن له، فكان يقص في مسجد الرسول. وكان بذلك أول من قص في الإسلام. وروي أنه أول من أسرج السراج في المسجد3. وكان قد قدم مع أخيه "نعيم" الداري في وفد الداريين على الرسول منصرفه من تبوك4. وكان مقامه في الشام، وربما وضع القصص على اسمه5.
وهذا النوع من التذكير والوعظ والإرشاد، القائم على الترغيب والترهيب، بذكر أساطير الأولين والقصص والحكايات والغرائب والعجائب، والقصص المتعلق بالحيوانات أو المدون على ألسنتها، هو نوع من الوعظ الذي كان يقوم به رجال الدين اليهود والنصارى في تهذيب أبناء دينهم وفي إرشادهم إلى سواء السبيل، على نحو ما كانوا يتخيلونه ويتصورونه. ومن مدرستهم في الوعظ، تعلم صاحبنا تميم علمه هذا على ما يظهر.
ويمكن الوقوف على طبيعة قصص "تميم" ونوعيته وعلى درجة ثقافته ومقدار عقليته بالرجوع إلى ما نسب إليه من قصص، وما ورد على لسانه من وعظ.
ولكننا لا نجد في الكتب مادة من قصصه تكفي للحكم بموجبها على نوعيته، ولكننا