ابن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي"1، وكان من "شياطين قريش"، أي: أذكيائهم، وممن يؤذون الرسول، وكان يحدث قريشًا بأحاديث رستم واسفنديار وما تعلم في بلاد فارس من أخبارهم2، ويزعم أنّ في استطاعته أن يأتي بمثل ما أتى به الرسول من أمر القرآن، فأشير إليه في الآية: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} 3، وذكر أن كل ما ذكر في القرآن من "الأساطير"، فإنما قصد به "النضر"،وقد نزلت في حقه ثماني آيات4، تدل على أنه كان يتحدى الرسول ويخاصمه ويقول في القرآن: إنه من صنع محمد، وكان يأتي بقصص يزعم أنه يضاهي بها كتاب الله. وقد أرسلته قريش مع "عقبة بن أبي معيط" إلى يهود "يثرب" ليأخذا منهم من أمور التوراة والدين ما يجادلا به الرسول، فعلموهما ما يجب أن يسألا به، فجاءا وسألا الرسول وحاججاه، وقد أشير إلى هذه المحاججة في القرآن5.
وقد أمر الرسول بقتل "النضر"، فقتله "عليّ" وهو بالصفراء، فقالت فيه "ليلى" ابنته، أو "قتيلة" ابنته، وهي ابنته في رواية، أو أخته في رواية أخرى، شعرًا تبكيه وتتوجع فيه على قتله. أوله:
يا راكِبًا إنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خامِسَةٍ وأَنتَ مُوَفَّقُ
أبلِغْ بها مَيْتًا بأنَّ قصيدةً ... ما إنْ تَزالُ بها الرّكائِبُ تَخْفُقُ
فليَسْمَعَنَّ النَّضْرُ إنْ نادَيْتُه ... إنْ كانَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لا يَنْطِقُ
ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيه تَنُوشُهُ ... للهِ أَرْحامٌ هُناكَ تشققُ
قَسرًا يُقادُ إلى المَنِيّةِ مُتعَبًا ... رَسفُ المقيد وهو عانٍ موثقُ
أَمحمّد ها أَنْتَ ضَنُ نَجِيبَةٍ ... في قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ