وروي أن "أبا بكر" خرج تاجرًا إلى "بصرى" ومعه "نعيمان" و"سويبط بن حرملة"، وكان "سويبط" على الزاد، فجاءه "نعيمان"، فقال: أطعمني. فقال: لا، حتى يجيء "أبو بكر"، فقال: لأغيظنك، فذهب إلى ناس جلبوا ظهرًا. فقال: ابتاعوا مني غلامًا عربيًّا فارهًا، وهو ذو لسان ولعله يقول: أنا حر، فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا عليّ غلامي. فقالوا: بلى نبتاعه منك بعشر قلائص، فأقبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال: دونكم هو هذا. فجاء القوم. فقالوا: قد اشتريناك، فقال سويبط: هو كاذب أنا رجل حر. قالوا: قد أخبرنا خبرك، فطرحوا الحبل في رقبته فذهبوا به. وجاء أبو بكر، فأخبر. فذهب هو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه. فضحك النبي وأصحابه من ذلك حولًا1.

وبعض القصص الشائع المتواتر عن الجاهليين، مثل قصة يومي البؤس والنعيم، وقصة "شريك" مع الملك "المنذر"، وقصة "سنمار" وأمثال ذلك، قصص وإن اقترن بأسماء جاهلية، إلا أن أصوله غير عربية، دخلت العرب من منابع خارجية، من منابع يونانية وفارسية، ونصرانية، وهو أيضًا من القصص الواردة عند شعوب أخرى، بدليل وجود شبه ومثيل له في أساطير الأعاجم، وفي حكايات النصارى2.

وقاص ذلك اليوم، هو أديب الحي، وأديب القوم، وهو لا بد أن يكون من أصحاب المواهب والفطنة، وممن رزق موهبة التأثير على القلوب بفضل ما رزق من حسن عرض الكلام وتخريج القصص، وتنسيقها، وإظهار الأدوار البارزة للأبطال، وعرضها بأسلوب مشوق مرغب، تنسي السامع كل شيء إلا تتبع الحكاية. ولا بد وأن يُملّح القاص قصصه بإدخال شيء من الشعر فيها، لا سيما شعر الفرسان والحروب والمغامرات.

ولا نعرف من أسماء قصاص الجاهلية أسماء كثيرة، وأشهر اسم نعرفه هو اسم "النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف"، "النضر بن الحارث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015