وفيه قال الشاعر "أبو قُردُودة"، وكان "سعد القرقرة" قد أكل عند النعمان بن المنذر مسلوخًا بعظامه:
بين النعامِ وبين الكلب منبته ... وفي الذئب له ظئر وأخوال1
ومنهم "النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحرث" من "بني النجار" من يثرب، المتوفى في أيام "معاوية". كان هازلًا ومازحًا لطيفًا، ذكر أنه كان لا يدخل المدينة طرفة إلا اشترى منها ثم جاء بها إلى النبي، فيقول: ها أهديته لك، فإذا جاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها أحضره إلى النبي، وقال: أعط هذا ثمن متاعه، فيقول: "أولم تهده لي! " فيقول: إنه والله لم يكن عندي ثمنه ولقد أحببت أن تأكله، فيضحك ويأمر لصاحبه بثمنه. ودخل أعرابي على النبي، وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض الصحابة للنعيمان لو عقرتها فأكلناها، فإنا قد قرمنا إلى اللحم. ففعل. فخرج الأعرابي وصاح وا عقراه يا محمد! فخرج النبي، فقال: "من فعل هذا؟ " فقالوا: النعيمان فاتبعه يسأل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب واستخفى تحت سرب لها فوقه جريد.
فأشار رجل إلى النبي حيث هو فأخرجه، فقال له: "ما حملك على ما صنعت؟ " قال: الذين دلوك علي يا رسول الله، هم الذين أمروني بذلك. فجعل يمسح التراب عن وجهه ويضحك، ثم غرمها للأعرابي.
وروي أن "مخرمة بن نوفل". كان قد كبر وقد عمي، فقام في المسجد يريد أن يبول، فصاح به الناس المسجد المسجد! فأخذه نعيمان بيده وتنحى به، ثم أجلسه في ناحية أخرى من المسجد فقال له: بل ههنا. فصاح به الناس. فقال: ويحكم فمن أتى بي إلى هذا الموضع! قالوا: نعيمان. قال: أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت. فبلغ ذلك نعيمان. فمكث ما شاء الله، ثم أتاه يومًا وعثمان قائم يصلي في ناحية المسجد. فقال لمخرقه: هل لك في نعيمان.
قال: نعم. فأخذه بيده حتى أوقفه على عثمان، وكان إذا صلى لا يلتفت.
فقال: دونك هذا نعيمان فجمع يده بعصاه فضرب عثمان فشجه، فصاحوا به ضربت أمير المؤمنين2.