الذي وضعوه عن الغراب، وعن الضفدع، والهدهد، والهديل، وغير ذلك مما يميل إليه العامة بصورة خاصة، لما يتركه من أثر في نفوسهم1.
ومن القصص، قصص الملوك والأبطال وسادات القبائل والأيام، ويلعب قصص الأيام الدور الأول في هذا القصص، لما له من أثر في العصبية. وكان هذا القصص من أحب القصص إلى نفوسهم، وقد زوّق ونمق، وتولى قصه قصاصون كانت لهم مواهب خاصة وقابلية على القص والتأثير في النفوس، وكان أصحاب الرسول حين يتسامرون يتناشدون الشعر ويتذاكرون الأيام، جريًا على سنتهم في الجاهلية، وقد استمر هذا القصص إلى عهد قريب، ولا زال معروفًا في القرى وفي بعض الأقطار العربية، لا سيما في أيام رمضان، حيث تقرأ قصص أبو زيد الهلالي وقصة عنترة وغيرها في المقاهي، يقرأها قصاصون متخصصون بأسلوب مؤثر جذاب، يتلاعبون به في عقول السامعين، ويثيرون فيهم الحماس، ينصتون بكل خشوع إلى صوت القاص، يريدون منه سماع المزيد من الأخبار.
وفي قصص أهل الأخبار المنسوب إلى الجاهلية، قصص عن الأسفار وعن مشقات السفر وعن الأهوال التي كان يلاقيها المسافرون في ذلك العهد من الجن والسعالي والغيلان، وقد رصع بأبيات من الشعر وبقصائد أحيانًا، في وصف تلك المخلوقات الرهيبة المفزعة، ولم ينس بعض هذا القصص من إيراد شعر لها في محاورة الأشخاص الذين تعرضوا لها، تجد فيه الجن والسعالى والغيلان، تنظم الشعر بلسان عربي مبين، وتجيب فيه الشعراء بشعر مثل شعرهم، قد تظهر رقة وأدبًا فيه، مع ما عرف عن هذه القوى من الميل إلى الأذى والشر.
دوفي قصصهم قصص لهم أصل تاريخي، لكنه لم يحافظ على نقاوته وأصله، وإنما غلب عليه عنصر الخيال فحوله إلى أسطورة، رصعت بالشعر في الغالب، وبالجنس، لتثير الغرائز، فتقبل الأنفس على سماعها، ومن هذا القبيل قصص طسم وجديس2. وقصص الزباء، والتبابعة، والأقوام الغابرة، حيث تجد قصصهم في كتب الأخبار والأدب.
وفي أبواب القصص، باب للمجون والخلاعة، وأحاديث الهوى والتشبب.