فقال: له شقة: أبيت اللعن! إن الرجال ليسوا بجُزر يراد منهم الأجسام، وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه فذهب مثلًا، وأعجب المنذر بما رأى من عقله وبيانه، ثم سمّاه باسم أبيه فقال: أنت ضمرة بن ضمرة. وقيل: إن المثل للنعمان بن المنذر، قاله لشقة بن ضمرة1.

وقد أورد "ابن الكلبي" قصة تأريخ المثل على هذا النحو: قال: وفد "الصقعب بن عمرو" النهدي في عشرة من "بني نهد" على "النعمان بن المنذر" وكان "الصقعب" رجلًا قصيرًا دميمًا تقتحمه العين، شريفًا بعيد الصوت، وكان قد بلغ النعمان حديثه، فلما أخبر النعمان بهم قال للآذن: إئذن للصقعب، فنظر الآذن إلى أعظمهم وأجملهم، فقال: أنت أنت الصقعب؟ قال: لا. فقال: الذي يليه في العظم والهيئة: أأنت هو: فقال: لا. فاستحيا فقال: أيكم الصقعب؟ فقال الصقعب: هأنذا! فأدخله إلى النعمان، فلما رآه قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه! فقال الصقعب: أبيت اللعن! إن الرجال ليسوا بالمسوك يستقى فيها، إنما الرجل بأصغريه بلسانه وقلبه، إن قاتل قاتل بجنان، وإن نطق نطق ببيان. فقال له النعمان: فلله أبوك! ثم سأله أسئلة امتحنه بها، ليرى عقله، فكان يجيبه أحسن جواب. فقال له النعمان: أنت أنت! فأحسن صلته وصلة أصحابه2.

وينسب المثل: "ألوى بَعيد المستمر"، إلى "النعمان بن المنذر"، وأخوه "طُفيل الغنوي" فأدخله شعره3. ومن الأمثلة الشهيرة القديمة قولهم: "على أهلها جنت براقش"، يضرب مثلًا للرجل يهلك قومه بسببه4.

وينسب المثل: "إن الشقي وافد البراجم" لعمرو بن هند، ملك الحيرة، حلف ليقتلن مائة من تميم، فقتل تسعة وتسعين رجلًا منهم إحراقًا بالنار، وبقي واحد، فلما دنا رجل من البراجم من الملك، وسأله عن أهله، فقال: من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015