شخص، له رأي سديد، وفكر صائب. وإن نسبت إلى شخص معين، لذلك يصعب علينا إرجاع الأمثال الإنسانية العامة إلى جماعة معينة. قال "الجاحظ": وقد كان الرجلُ من العرب يقف الموقف فيرسل عدة أمثلة سائرة، ولم يكن الناس جميعًا ليتمثلوا بها إلا لما فيها من المرفق والانتفاع، ومدار العلم على الشاهد والمثل"1.
ومن أمثال أهل الجاهلية: إن من البيان لسحرًا، وإن الجواد قد يعثر، وإن البلاء موكل بالمنطق، وإن أخا الهيجاء من يسعى معك ومن يضر نفسه لينفعك. وأنف في السماء وأنف في الماء. وأَجِع كلبك يتبعك، واشتدى أزمة تنفرجي، وربّ رمية من غير رام، وربّ أكلة تمنع أكلات، واستراح من لا عقل له، وسبق السيف العذل، إلى غير ذلك من أمثلة2.
ومن الأمثال الجاهلية الباقية حتى اليوم المثل: مواعيد عرقوب، مثل يضرب لمن يعد ولا يفي. فقد ورد في شعر المتلمس، إذ قال:
الغدر والآفات شيمته ... فافهم فعرقوبٌ له مثل
وورد في شعر كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلًا ... وما مواعيدها إلا الأباطيل
قيل: عرقوب رجل من خيبر، كان يهوديًّا وكان يعد ولا يفي، فضربت به العرب المثل. وقيل: رجل من العماليق أتاه أخ له يسأله فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها. فلما أطلعت أتاه للعدة، فقال: دعها حتى تصير بلحًا، فلما أبلحت قال: دعها حتى تصير زهوًا، فلما أزهت قال: دعها حتى تصير رُطبًا، فلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمرًا، فلما أتمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجذّها، ولم يعطِ أخاه منه شيئًا، فصار مثلًا، وفيه يقول الأشجعي:
وعدتَ وكان الحلف منك سجيةً ... مواعيد عُرقُوب أخاه بيثرب