دونك. وكن عف العيلة، مشترك الغنى تسد قومك. إلى غير ذلك من أمثال نسبوها إليه1.
وفي "كتاب الجوهرة في الأمثال" من "العقد الفريد"، باب خاص عنوانه: "أمثال أكثم بن صيفي وبزرجمهر الفارسي"2. وهي تستحق الدرس والنقد، لمعرفة أصولها وعلاقة هذه الأمثال بالأدبين العربي والفارسي.
ونجد في كتب الأدب طائفة من الأمثال في الأدب والحكمة، نسبت إلى "أكثم بن صيفي"، منها: ربّ عجلة تهب ريثًا، وادرعوا الليل فإن الليل أخفى للويل، والمرء يعجز لا المحالة، ولا جماعة لمن اختلف، ولكل امرئ سلطان على أخيه حتى يأخذ السلاح فإنه كفى بالمشرفية واعظًا، وأسرع العقوبات عقوبة البغي، وشر النصرة التعدي، ورب قول أنفذ من صول، والحر حر وإن مسه الضر، والعبد عبد وإن ساعده الجد، وإذا فزع الفؤاد ذهب الرقاد، وربّ كلام ليس فيه اكتتام، وحافظ على الصديق ولو في الحريق، وليس من العدل سرعة العذل، وليس بيسير تقويم العسير، وإذا بالغت في النصيحة هجمت بك على الفضيحة، ولو أنصف المظلوم لم يبق فينا ملوم3.
وليس في إمكان أحد إثبات أن هذه الأمثال وغيرها هي لأكثم بن صيفي حقًّا، وبينها أمثال إنسانية عامة نجدها عند مختلف الأمم، وبينها أمثال قيلت في اليونانية وفي بعض اللغات الأخرى قبل أيام "أكثم" بزمان طويل. إلا أن نسبة هذه الأمثال إليه، تشير إلى أنه كان من حكماء الجاهلية البارزين ومن ذوي الرأي والحكمة عند قومه.
والأمثال النابعة من صميم الحياة الإنسانية ومن التجارب العملية، والاختبارات الطويلة، تكون ذات طبيعة حكيمة عامة، فتظهر لذلك عند كل الناس، وتخرج على كل لسان، فلا يمكن أن يقال: إنها من مخترعات الأمة الفلانية، ومن مبتكرات العقل الفلاني؛ لأنها كما قلت خواطر إنسانية، تخطر على بال كل